نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 210
و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ
مُشْفِقُونَ[1]. و قال تعالى إِنَّا
كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ[2]. قد وصف الله تعالى
الملائكة مع تقدسهم عن الذنوب و مواظبتهم على العبادة على الدءوب[3] بالإشفاق
فقال يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ و إنهم مِنْ
خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ[4] فمتى زال
الإشفاق و الحذر حصل التكبر و هو سبب الهلاك و متى حصل الحذر و الإشفاق في القلب
حصل التواضع فإذا ما يفسده العابد بإضمار الكبر و الحسد و الغل و احتقار الخلق و
النظر إليهم بعين الاستصغار أكثر مما يصلحه بظاهر الأعمال فهذه معارف بها يزال داء
الكبر و الحسد و الغل عن القلب لا غير إلا أن القلب بعد هذه المعرفة قد يضمر
التواضع و يدعي البراءة من الكبر و هو كاذب ف إِذا وَقَعَتِ
الْواقِعَةُ عاد إلى طبعه و نسي وعده فعند هذا لا ينبغي أن يكتفى في المداواة بمجرد
المعرفة بل ينبغي أن يكمل بالعمل و يجرب نفسه بأفعال المتواضعين في مواقع هيجان
الكبر من النفس. و بيانه أن يمتحن النفس بخمس امتحانات الأول أن يناظر في مسألة مع
واحد من أقرانه فإن ظهر شيء من الحق على لسان صاحبه و ثقل عليه قبوله و الانقياد
له و الاعتراف به و الشكر له على تنبيهه و تعريفه و إخراجه الحق فذلك يدل على أن
فيه كبرا دقيقا فليتق الله فيه و يشتغل بعلاجه. أما من حيث العلم فبأن يذكر نفسه
خسة نفسه و خطر عاقبته و إن الكبر لا يليق إلا بالله تعالى و أما بالعمل فبأن يكلف
نفسه ما ثقل عليه من الاعتراف بالحق فيطلق اللسان بالحمد و الثناء و يقر على نفسه
بالعجز و يشكره على الاستفادة و يقول ما أحسن ما فطنت له و قد كنت غافلا عنه فجزاك
الله خيرا عما نبهتني له فالحكمة ضالة المؤمن فإذا وجدها ينبغي أن يشكر من دله
عليها فإذا واظب على ذلك مرات متوالية