نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 208
و هو ينتظر أن يخرج إلى العرض و يقام عليه العقوبة على ملأ من
الخلق و ليس يدرى أ يعفى عنه أم لا كيف يكون ذلة في السجن أ فترى أنه يتكبر على من
في السجن و ما من عبد مذنب إلا و الدنيا سجنه و قد استحق العقوبة من الله تعالى و
لا يدرى كيف يكون أمره فيكفيه ذلك حزنا و خوفا و إشفاقا و مهانة و ذلا فهذا هو
العلاج العلمي القالع لأصل الكبر. و أما العلاج العملي فهو التواضع بالفعل لله و
لسائر الخلق بالمواظبة على أخلاق المتواضعين كما وصفناه من أحوال الصالحين
أشار به إلى العتق في
الآخرة و لا يتم التواضع بعد المعرفة لا بالعمل و لذلك أمرت العرب الذين يتكبرون
على الله و رسوله بالإيمان و بالصلاة جميعا و قيل للصلاة عماد الدين و في الصلاة
أسرار لأجلها كانت عمادا و من جملة ما فيها من التواضع بالمثول قائما و بالركوع و
السجود و قد كانت العرب قديما يأنفون من الانحناء و كان يسقط من يد الواحد سوطه فلا
ينحني لأخذه و ينقطع شراك نعله فلا ينكس رأسه لإصلاحه فلما كان السجود عندهم هو
منتهى الذلة و الصغار أمروا به لتنكسر بذلك خيلاءهم و يزول كبرهم و يستقر التواضع
في قلوبهم و به أمر سائر الخلق فإن الركوع و السجود و المثول قائما هو العمل الذي
يقتضيه التواضع و لذلك من عرف نفسه فلينظر إلى ما يتقاضاه الكبر من الأفعال
فليواظب على نقيضها حتى يصير التواضع له خلقا فإن القلوب لا تتخلق بالأخلاق
المحمودة إلا بالعلم و العمل و مما يمنع الإنسان من الكبر أن يعلم ما سلط عليه من
العلل و الأمراض و أنه لو توجع عرق واحد من يديه لصار أعجز من كل عاجز و أذل من كل
ذليل و أنه لو سلبه الذباب شيئا لم يقدر أن يستنقذه منه و أن بقة لو دخلت أنفه أو
نملة دخلت أذنه لقتلته و إن شوكة لو دخلت رجله لأعجزته و إن حمى يوم تحلل من قوته
ما لا ينجبر في مدة فمن لا يطيق شوكة و لا يقاوم بقة و لا يقدر على أن يدفع عن
نفسه
نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 208