responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 205

أقل من كل قليل و أنه لا يليق به إلا التواضع و الذلة و إذا عرف ربه علم أنه لا يليق العظمة و الكبرياء إلا بالله أما معرفة ربه و عظمته و جلاله فالقول فيه يطول و أما معرفة نفسه فهي أيضا تطول و لكنا نذكر منه ما ينفع في إثارة التواضع و المذلة و يكفيه أن يعرف معنى آية واحدة من كتاب الله سبحانه فإن القرآن فيه علم الأولين و الآخرين لمن فتحت بصيرته و قد قال الله تعالى‌ قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ‌[1] فقد أشارت الآية إلى أول خلق الإنسان و إلى آخر أمره و إلى وسطه فلينظر الإنسان ذلك ليفهم معنى هذه الآية أما أول الإنسان فهو أنه‌ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ثم خلقه الله من أذل الأشياء ثم من أقذرها إذ خلقه‌ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثم من مضغة ثم جعله عظما ثم كسا العظم لحما فقد كان هذا بداية وجوده حيث صار شيئا مذكورا فما صار مذكورا إلا و هو على أحسن الأوصاف و النعوت إذ لم يخلق في ابتدائه كاملا بل خلقه جمادا ميتا لا يسمع و لا يبصر و لا يحس و لا يتحرك و لا ينطق و لا يبطش و لا يدرك و لا يعلم فبدأ بموته قبل حياته و بضعفه قبل قوته و بجهله قبل علمه و بعماه قبل بصره و بصممه قبل سمعه و ببكمه قبل نطقه و بعجزه قبل قدرته فهذا معنى قوله‌ مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ‌ و معنى قوله تعالى‌ هَلْ أَتى‌ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ‌[2] كذلك خلقه أولا ثم امتن عليه فقال‌ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ‌ و هذه إشارة إلى ما تيسر له في مدة حياته إلى الموت و لذلك قال‌ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً و معناه أنه أحياه بعد أن كان جمادا ميتا ترابا أولا و نطفة ثانيا و أسمعه بعد أن كان أصم و بصره بعد ما كان فاقد البصر[3] و قواه بعد الضعف و علمه بعد الجهل و خلق له الأعضاء بما فيها من العجائب و الآيات بعد الفقد لها و أغناه بعد الفقر و أشبعه بعد الجوع و كساه بعد العري و هداه بعد الضلال فانظر كيف دبره و إلى‌


[1] سورة عبس آية 17

[2] سورة الدهر آية 1

[3] بعض النسخ‌[ فاقد البصرة]

نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست