و كل ما جاء في ثواب
الصدقة و الحج فهو بناء على المال لم يمكن الوصول إلا به و قال تعالى وَ
يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ[2] و قال تعالى ممتنا على
عباده وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ
يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً[3]
وَ قَالَ كَادَ
الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً
و هو بناء على المال[4] و لا تقف
على وجه الجمع بين المدح و الذم إلا بأن تعرف حكمه المال و مقصوده و آفاته و
غوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه و شر من وجه و أنه محمود من حيث هو خير و
مذموم من حيث هو شر و أنه ليس بخير محض و لا هو شر محض بل هو سبب الأمرين جميعا و
ما هذا وصفه فيمدح لا محالة مرة و يذم أخرى و لكن البصير المميز يدرك أن المحمود
منه غير المذموم و بيانها الاستمداد منه بما يصلح الحال لحفظ الدين و القوة على
الطاعة المفضية به إلى سعادة الآخرة التي هي النعيم الدائم و الملك المقيم و لا بد
من مطعم و مشرب و مسكن و منكح و ملبس فمن المطاعم إبقاء البدن و من المناكح إبقاء
النسل و من البدن تكميل النفس و تزكيتها و تزيينها[5] بالعلم و الخلق و من عرف هذا الترتيب
فقد عرف قدر المال و وجه شرفه و أنه من حيث ضرورة البدن إلى هذه الأسباب لتصح
العبادة.