نام کتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق نویسنده : الشیخ البهائي جلد : 1 صفحه : 58
تعالى أحق أن يخشى، و أنه لا يغلب في شأنه، و لا ينازع في سلطانه و أن
الناس اشخاص مثله، لا يقدرون له على نفع و لا ضر الا باذن اللّه. و لهذا قيل:
الرياء قنطرة الاخلاص.
حكى: ان بعض
الشبان اتفق أنه وقع نظرة على ابنة الملك فوقع حبها في قلبه موقعا قويا، حتى تمكن
فيه العشق و الشغف، و كان ذا عقل و روية الا أنه كان فقيرا جدا، خامل الذكر و
القدر، فكتم ذلك زمانا طويلا لخوفه من القتل ان افشاه، و لما التهبت فيه نيران
العشق و الهيجان حتى عيل صبره[1]
و انتحل جسمه و ايقن بالهلاك أطلع على سره شيخا عالما صالحا من تلك المدينة، و
قال: اني هالك لا محالة فهل تجد لي حيلة أو دواء أو ما اتسلّى به؟.
فقال: نعم، ان
فعلت ما اقول لك رجوت ان تبلغ مرادك، و ذلك: أن تمضي الى الصفّة الفلانية في
الجامع الكبير فتجلس ثم ليلا و نهارا، صائما نهارك قائما ليلك، تاليا للقرآن،
راكعا، و ساجدا، باكيا خاشعا مطمئنا في كل الاوقات، و اياك ان تنظر الى أحد أو
تكلمه او تاخذ منه شيئا أو تلتفت اليه بوجه من الوجوه- و ان كان السلطان نفسه-، أو
تمضي اليه ان طلبك فعند ذلك يشيع خبرك في المدينة و يتصل بالسلطان، و لا يخفى عليك
أنّه يحب الصلحاء و العباد، فيوشك عند ذلك أن يختارك زوجا لبنته.
فوقع ذلك في
قلب الشاب و سرّ به، و فعل كل ما أمره به على أبلغ مما قال، و استمر كذلك زمانا
طويلا، حتى شاع أمره في المدينة، و صيامه، و صلاته و بكاؤه، و خشوعه، و زهده، و
اعتقدوا أن ما به من الاصفرار و النحول لشدّة خوفه و كثرة صيامه و قيامه.