حديث مشكل في
الكافي و الفقيه عن عمار الساباطي عن الصادق 7 انه سئل عن الميت هل
يبلى جسده؟ قال: نعم حتى لا يبقى له عظم و لا لحم الا طينته التي خلق منها فانها
لا تبلى بل تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق اول مرة يقال: بلى الميت
أي افنته الأرض و هذا كناية عن ذهاب بعض جسده و المراد بالطينة كما في اللغة الأصل
و الخلقة و الجبلة و في تعيين النراد من الطينة الباقية في القبر على الأستدارة
اقوال:
الأول ان
المراد بها النفس الناطقة اذ الطين هو الأصل و لا ريب في ان النفس الناطقة هو اصل
لا لأنسان و حقيقته و انه يثاب و يعاقب و هي الباقية بعد فناء الجسد حتى يخلق
اللّه الجسد و يتعلق به ثانيا و بقاءه في القبر اشارة الى بقاء تعلقها باجزاء
بدنها التي في القبر فان البدن لكونه الة لتحصيل كمالاتها يمتنع ان يزول تعلقها و
تعشقها به و اما استدارتها فكأنها كناية عن انتقالها عن حال الى حال و من شأن الى
شأن مطلقا او في حال البرزخ فالأستدارة هنا من الدوران بمعنى الحركة أي المأخوذة
من دار دور دورا و دورنا فالمراد ان ما سوى النفس من الأنسان تفنى و انما تبقى
النفس مستديمة مستمرة متحركة في جميع مراتب التغيير منتقلة من حال الى حال مع
بقاءها بذاتها حتى يتعلق ثانيا ببدنها و يمكن ان يكون استدارتها كناية عن بساطتها
و تجردها نظرا الى ان الأستدارة شكل للبسيط و هذا اكمل و ان كان بعيدا من حيث
اللفظ لأفتقاره الى تجوزات و تأويلات الا انه قريب من حيث المعنى.
الثاني ان
المراد بالطينة هو النطفة لأن الطينة هو الأصل الذي يخلق منه أي ما يتولد به
الأجزاء الأصلية من العظم و اللحم و العصب و الربائط و غيرها و ظاهر ان الأصل الذي
خلق منه سوى آدم و زوجته هو المسيح من افراد البشر و المسيح من افراد البشر هو
النطفة اما آدم و زوجته فان ما خلق من الطين و اما المسيح فالمروي (في) من الأخبار
و ان لم يحضرني الآن الفاظها ان خلق من بخارات خرجت من آدم حين عطس في اول ما عطس
و قد قبضها جبرئيل 7 في كفه بأمر اللّه تعالى و حفظها الى ان القاها
الى مريم و نفخها فيها.
فالمراد ان
الأجزاء الفضلية و الأصلية تتفرق و تتلاشى بالموت البدني و يبقى ما به تتكون تلك
الأجزاء و هو النطفة بحالة ليكون كالمادة يخلق منه جسد الميت كما خلق منها اول مرة
اما بضم تلك الأجزاء اليها بعد التفكك و التشتت او بانشائها منها مرة اخرى كما
انشأها منها في المرة اللأولى