تلامذتي نأخذ سراجا و
نروح في طلبه، فقلت لهم: لعله يكون قد وقع منّي النهار و انا اليوم مضيت الى اماكن
متعددة، فقلت لهم: توكّلوا على اللّه و اطلبوه فاخذوا سراجا و مضوا فاول ما وضعوا
السراج قرب الأرض لطلبه وجدوه مع انّه بمقدار الحمصة فعجب الناس من هذا فلمّا بشر
و نيتخيّلت ان اموال الدنيا و هبت لي و الحمد للّه هو الآن موجود. و لمّا فرغنا من
الزيارة شرعنا في زيارة الأفاضل و المجتهدين و المباحثة معهم و مصاحبتهم، ثمّ
اتينا الى الرماحية و كنت ضيفا عند رجل من المجتهدين و بقيت عنده ايما قلائل
فاستأجرت سفينة و ركبت فيها قاصدا للجزائر فسارت السفينة فرسخين تقريبا ثم وقفت
على الطين فبقيت واقفة يوما و ليلة ثمّ سارت فرسخا او اكثر ثم وقفت كالأول ثمّ
سارت و هكذا فتعجب اهل السفينة و قالوا: ما جرى هذا قط على سفينتنا فتفكرت انا و
قلت في نفسي هذا الشهر جمادي و صارت زيارة رجب قريبة و انا تركتها و قصدت الجزائر
و لا يكون هذا التعويق الا لهذا.
فقلت لصاحب
السفينة ان اردت ان تسير سفينتك فاخرجني منها و قلت له الكلام فتعجّب، فقلت له:
انّ قدّامنا في حقروص رجلا من اخواننا فانا اخرج الى منزله حتّى تصل السفينة الى
مقابل منزله فنخرج اثاثنا فاخرج معي رجلا ليدلّني على الطريق فلمّا خرجنا و مشينا
جرت السفينة و قد تقدّمتنا فوصلنا الى منزل ذلك المؤمن و ارسل غلامه و تبع السفينة
حتى اتى باسبابي منها، فبقيت عند ذلك المؤمن ايّاما قلائل و سافرت انا و هو إلى
زيارة رجب ثم زرنا مولانا امير المؤمنين 7 ثانيا.
فلما فرغنا من
الزيارات أتينا الى منزل ذلك الرجل المؤمن في حقروص و كان على شاطيء الفرات و كان
له مجلس فوق غصن شجرة قويّ في وسط الماء و السفن تجري من تحته فما رأيت مكانا أنزه
و لا ألطف و لا آنس منه و كانوا في النهار يصيدون الحجل و الدّرّاج و نأكله في
الليل، و ماء الفرات و هولا لا نسأل عن عذوبته و لطافته و حلاوته و بركته لأنّه
ورد في الحديث انّه يصبّ فيه في ميزاب من ماء الجنّة كلّ يوم.
و في الحديث
انّه كان يبريء الأكمه و الأبرص و ذوي العاهة لكن باشره نجاسة ابدان المخافين
فازال عظيم بركته و بقي القليل و كان مولانا الصادق 7 يقصده من المدينة
ليشرب منه و يغتسل به و يرجع، و قد ورده يوما فقال لرجل كان على الماء: ناولني
بهذا القدح ماء فناوله ثمّ قال ناولني اخرى فناوله فشرب و اجرى الماء على لحيته
الشريفة فلمّا فرغ قال الحمد للّه رب العالمين ماء ما اعظم بركته.
ثمّ اني ركبت
في السفينة و جئت الى الجزائر فلقيت جماعة من اهل السفينة الأولى فقالوا لي: انّه
من وقت خروجك منها ما وقفت ساعة واحدة الا بالمنزل، فلمّا وصلت الى الجزائر الى