responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأنوار النعمانية نویسنده : الجزائري، السيد نعمة الله    جلد : 3  صفحه : 76

ارض هو اقرب، فلمّا مسحوا الأرض وجدوه الى ارض التوبة أقرب بذراع او بشبر فتبادرت اليه ملائكة الرحمة فقبضوا روحه في خبر آخر انّ الملائكة لمّا قصدوا الى مساحة ارض التّوبة فطويت بعد ما كانت ابعد من تلك الأرض و هذا حاله مع المذنبين.

و بالجملة فكل بلاء الأنسان و مصائبه انّما هو من الدنيا و الميل اليها حتى انّه سأل بعض العارفين عن الطّريق الى اللّه تعالى فقال خطوتان و قد وصلت خطوة على النّفس و خطوة على الدنيا، فسمع بعض أهل العرفان هذا الكلام فقال طوّل ما قصر اللّه بل خطوة على النّفس و قد وصلت لأنّ الدنيا تصير حجابا للعبد بواسطة النّفس و هو تعالى الستّار على عبده.

روي انّ بعض الأنبياء سرق له حمار فقال الهي أنا نبيك سرق حماري فأطلعني عليه، فأوحى اللّه تعالى انّ الرجل الذي سرق حمارك سألني ان استره و أنا لا أردّه و لا أردّك فخذ منّي حمارا آخر حتى لا يفتضح ذلك الرجل، و بالجملة فاستقصاء الكلام في الدنيا و تقلباتها و أحوالها يحتاج الى تأليف كتاب منفرد، نعم انّ من جملة الدّنيا اسباب الميل اليها لذاتها فلا بأس بذكرها في نور على حده.

(نور في لذات الدنيا بانواعها)

و بيان انّه لا لذة في الدّنيا و انّ ما فيها من اللّذات انّما هو دفع آفة بآفة اخرى‌

اعلم ان الدنيا كما عرفت بيت ضيق مظلم قد اجتمعت فيه انواع المخلوقات و اصنافها ففيه الحيات و العقارب و السباع و الذئاب الضّواري و كلها قد قصدت ابن آدم و هو معها في ذلك البيت الضيق و هو يراها قاصدة اليه، و قد وضع امامه شي‌ء من الخبز ليأكله، فيأكل و ينظر الى ما معه في ذلك المنزل الضّيق من الأفاعي و السّباع و العقارب و هي جوعانة و ليس لها شي‌ء تأكله سوى لحوم ابن آدم، فالأنسان من الجوع يأكل ما أمامه من الخبز لكنه ينظر الى ما معه من السّباع في حال أكله مترقّبا حين بعد حين لوصولها اليه، و اهلاكها اياه، فمن كان هذا حاله كيف يلتذّ بأكل ام بشرب ام بنكاح ام بلباس، و لو فتحت عيني قلبك الذي تبصر به لوجدت حالك في الدنيا هو هذا بل انت اسوء حالا، اما العقارب فهم اقاربك الذين منهم من يتمنى موتك للميراث، و منهم من يريده حسدا لك حيث فضّلت عليهم امّا بامور دنيوية او اخروية، و منهم من يريد يتزوج بزوجتك بعدك الى غير ذلك من الأغراض، و يا ليتهم مثل العقارب فان الأغلب في العقرب و اشباهه انّما يلدغ اذا اوذي و تعدى الأنسان عليه مع انّ لدغته تبرى في يوم واحد و امّا الأقارب و ما يصل اليك في كل يوم من أنواع لسعهم و أذّيتهم فهو مما لا غاية له و لا نهاية لأمده الى الموت.

نام کتاب : الأنوار النعمانية نویسنده : الجزائري، السيد نعمة الله    جلد : 3  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست