و فيه اقسامها
المحظورة و الجايزة و ذكر التوبة منه و علاجه و ما يلحقه من المناسبات اعلم وفقك
اللّه تعالى ان الغيبة من أعظم الكبائر و قد توعد عليها النار و مع هذا فهي ذنب قد
طمّت بليّته الخاص و العام و قد احترز و اعن غيره و لم يحترز و اعنه و ذلك لأمور:
احدها الغفلة
عن تحريمه و ما ورد فيه من الوعد و الوعيد و لآيات و الرّوايات و هذا هو السبب
الأقل لأهل الغفلات.
و ثانيها انّ
مثل هذه المعصية لا يخل بمراتب الناس و لا يسقط محلهم عندهم لخفاء هذا النوع من
المنكر على من يرومون المنزلة عنده من اهل الجهالات و ايضا فإن الناس كلّهم في
بلاء من هذه المصيبة و لو وسوس اليهم الشيطان ان اشربوا الخمر او زنوا بالمحصنات
ما أطاعوه لظهور فحشه عند العامة و لو راجعوا عقولهم لوجدوا انّ الغيبة اشدّ نكالا
و عذابا و تقبيحا من ذنوب كثيرة خصوصا ممّا كان حقه للّه تعالى وحده.
و ثالثها
موافقة الناس في مجالسهم كما سيأتي بيانه ان شاء اللّه تعالى.
و اما تعريفها
في الأصطلاح فقد ذكر له اثنان احدهما مشهوري و هو ذكر الأنسان حال غيبته بما يكره
نسبته اليه مما يعد نقصا في العرف بقصد الأنتقاص و الذم، و ثانيها و هو الذي
عوّلنا عليه في شرح الصحيفة انها التعرض لإنسان معين و ما في حكمه بما يكون فيه
بحيث لو سمعه لغضب و يعد في العرف نقصا و يكون قاصدا لذلك النقص سواء كان ذلك
التّعرض بالقول او الإشارة او الكناية او الكتابة، و التقيد بالمعين لإخراج مثل
قولك في هذا البلد رجل فاسق و امّا عمر و فاسق فإنه امّا غيبة لأحدهما كما قيل و
يترتب عليه ذنب واحد و امّا غيبة لكليهما فيكون عليه ذنبان و هو الأصحّ لغضبهما
عند سماع هذا القول و اخراج مثل هذا القول عن الغيبة كما قيل به فاسد، و قولنا بما
يكون فيه لإخراج البهتان و التهمة فانهما اشد ذنبا من الغيبة، و التقيد بكونه نقصا
لإخراج مثل نسبة عبادة او نحوها الى غائب بحيث لو سمعها لغضب فانّه لا يعد غيبة.
و قولنا و يكون
قاصدا لذلك النقص لإخراج ذكر العيب عند الطبيب مثلا او لإستدعاء المرحمة من
السلطان في حق الزمن و الأعمى بذكر نقصانهما فانّه لا يعد غيبة و قال النبي 6 ترون ما الغيبة؟ فقالوا اللّه اعلم و رسوله أعلم، قال
ذكرك أخاك بما يكره قيل أ رأيت ان كان في أخي ما أقول؟ قال ان كان فيه ما تقول فقد
اغتبته، و ان لم يكن فيه فقد بهّته،