فبينما هو يخاطبني و
أخاطبه و إذا بإمرأة تناديه، فتركني و رجع اليها فحققت النظر إليها و إذا بها زينب
بنت علي 7 تدعوه إلى أين تمضي يا قرة عيني؟ فرجع و انحرفت عنه؛ و لم
أزل أذكره و أبكي.
و روي عن
الطرماح بن عدي رضب اللّه عنه قال كنت من قتلاء كربلاء و قد بقي فيّ رمق من
الحياة؛ و لو حلفت لكنت صادقا إذ رأيت بعد عشرات متتابعات عشرين فارسا لهم نور
شعشعاني و كلهم ذو ثياب بيض يفوح منها رائحة المسك و العنبر، فقلت في نفسي هذا ابن
زياد و قد أقبل بطلب جسد الحسين 7 ليمثل به، فجاؤا حتى نزلوا بين
القتلى ثم أن المتقدم أتى إلى الحسين و جلس عنده و أجلسه و سنده إلى صدره و أومى
إلى نحو الكوفة بيده فما ردها إلا و بها رأس الحسين 7، فركبه على الجسد
كما كان أولا فطار عقلي و قلت ليس ابن زياد قادرا على هذا فتأملته فإذا هو رسول
اللّه 6؛ فقال السّلام عليك يا ولدي فقال و عليك
السّلام و رحمة اللّه و بركاته يا جداه، قال كيف ولدي قتلوك؟ أ تراهم ما عرفوك و
من الماء منعوك و عن حرم جدكّ أحرجوك ويلهم أ لا أخبرتهم بحسبك عسى يرقوا بحالك،
فبكى و قال يا جداه أخبرتكم فقالوا نعرفك حق المعرفة و لكن نقتلك ظلما و عدوانا
فقال 7 يا أبي آدم و يا أبي نوح، و يا أبي إبراهيم؛ و يا أخي إسماعيل،
و يا أخي موسى، و يا أخي عيسى، فأجابوه بالتلبية: أنظروا إلى ما فعلت أشقى أمتي من
بعدي بعترتي، و لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة فقالوا آمين اللهم آمين،
فجعلوا يبكون و يعزون النبي 6 زمانا طويلا، و هو يحث
التراب على رأسه و شيبته الطاهرة و الحسين يقص عليه ما صدر و ما عملوه فيه حتى غشي
عليه من البكاء و أنا أسمعهم و أشاهدهم، ففارقوه و انطرح كما كان ميتا اولا. و روي
أن النبي 6 كان ذات يوم جالسا و غذا بالحسين 7 مقبلا طفلا، فأخذه على فخذه الأيمن، و أتى بولده إبراهيم فوضعه على فخذه
الأيسر و جعل يقبل هذا على فمه و هذا بحلقه و شفتيه و هو مشغوف بهما، فإذا جبرئيل
قد انحدر عليه و قال يا محمد إنّ اللّه تعالى لم يكن ليجمع لك بينهما و لكنه عز و
جل يريد يأخذ روح أحدهما فأختر أيهما شئت، فقال في نفسه إذا مات إبراهيم بكيت أنا
وحدي و إذا مات الحسين بكيت عليه انا و علي و فاطمة، يا أخي جبرئيل موت إبراهيم
خير لي فمات بعد ثلاثة ايام، فكان بعد ذلك كلما جاء الحسين 7 قال النبي
6 أهلا و سهلا و مرحبا بمن فديته بولدي إبراهيم.
و روي أن
الحريم لمّا أدخلن في السبي إلى يزيد بن ماوية لعنه اللّه كان يطاع فيهن و يسأل عن
كل واحدة بعينها و هن مربقات بحبل طويل و زجر بن قيس لعنه اللّه يجرهن حتى اقبلت
امرأة كانت تستر وجهها بزندها لأنها لم يكن لها خرقة تستر بها وجهها، فقال من هذه
التي ليس لها