اعلم ان اللّه
سبحانه قد تمدّح في معرض الامتنان بخلق الارض فقال أ لم نجعل الارض مهادا و الجبال
اوتادا و قوله فمهدنا فنعم الماهدون، فنحن كالاطفال و الارض مهدنا و هو تعالى
المربي لنا و المنعم، و من هذا نعت به نفسه كل وصف فقال الحمد رب العالمين أي
مربيهم و مرقّيهم في المراتب الحسية و المعنوية الى درجات الكمال و الارض طبقات
كما ان السموات طبقات و قد اختلف الاخبار في ترتيب ما تحت الارض، ففي كثير منها ان
قرار الارض على عاتق ملك و قد ما ذلك الملك على صخرة و الصخرة على قرن ثور و الثور
قوائمه على ظهر الحوت في اليّم الاسفل، و اليمّ على الظلمة و الظلمة على العقيم، و
العقيم على الثرى، و ما يعلم تحت الثرى الا اللّه تعالى.
و في خبر آخر
عن الصادق 7 قال فيه ان اللّه خلق النهار قبل الليل و الشمس قبل القمر
و الارض قبل السماء و وضع الارض على الحوت في الماء و الماء على صخرة مجوفة و الصخرة
على عاتق ملك، و الملك على الثرى، و الثرى على الريح العقيم، و الريح على الهوى
تمسكه القدرة، و ليس تحت الريح العقيم الا الهوى و الظلمات، و لا وراء ذلك سعة و
لا ضيق و لا شيء يتوهّم، ثم خلق الكرسي فحشاه السموات و الارض، و الكرسي اكبر من
كل شيء خلق اللّه، ثم خلق العرش فجعله اكبر من الكرسي، و يمكن الجمع بين الخبرين
بحمل الحوت و الثور على انهما ملكان بشكل الحوت احدهما و بشكل الثور الاخر كما في
حامل العرش، فان كل واحد بصورة حيوان كما تقدم، او ان يقال بتعدد الهقيم فتكون
واحدحة حاملة للثرى، و الاخرى محمولة له و نحو ذلك.
فان قلت ما
معنى قولهم عليهم السّلام انه عند الثرى ينقطع علم العلماء كما قال في الحديث
الاول و ما يعلم تحت الثرى الا اللّه تعالى مع ما ورد من شمول علم الائمة عليهم
السّلام و احاطته بما فوق الثرى و ما تحته قلت يجوز ان يكون معناه ان العلم
المأذون لهم في تبليغه للأمة و إلقائه اليهم هو ما ينتهي الى الثرى فاذا انتهى
الحال اليه انقطع العلم المأذون لهم بتبليغه و يجوز ان يكون من اسرار الحرف الذي
هو جزء من الاسم الاعظم الذي امتاز اللّه سبحانه بعلمه و لم يعلمه نبيا فمن دونه
كما سبق في الانوار المتقدمة.
فان قيل كيف
بيّن 7 في الحديث الاخير ما تحت الثرى من العقيم و الهوى قلت يجوز ان
يكون المراد بما تحت الثرى من العلم الذي حجب عن الناس هو العلم بتفاصيله مفصلا
بأن يكون للظلمات و الهوى التي هي تحت الثرى احوال غريبة و اوضاع عجيبة حجب علمها
عن ان يعلم