نحمده بنعمته
على نعمائه و نصلي على عبده المقرب لديه محمدا و آله.
(و بعد) فأن
المذنب الفقير، صاحب الخطاء و التقصير، قليل البضاعة، و كثير الإضاعة، نعمة اللّه
الحسيني، عفى اللّه عن ذنوبه و ستر منه فاضحات عيوبه.
لما فرغ من
كتابيه غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام، و كشف الأسرار في شرح الإستبصار، تاقت
نفسه إلى تأليف كتاب غريب على نمط عجيب لم يكتب في زبر الأولين و لم تسمح به قريحة
أحد من المتأخرين، يكون للأمي و إعظا و مونسا، و للعالم مطرحا و مجلسا، ينتفع منه
كل أحد على قدر رتبته، و يستضيء به كل من اراد رفع ظلمته، يشتمل على تفصيل أحوال
الإنسان قبل خلقته، و يبين شأنه الى يوم و لوج حفرته و يعقبه بذكر أحواله إلى يوم
دخول ناره أو جنته، بل يفصل فيه أحوال الدنيا و أهلها قبل وجودها و بعد وجودها، و
بعد ما يكتب عليها الفناء، و مستمدا من اللّه سبحانه التوفيق لرفع الإحتياج إلى
المخلوقين لحصول أسباب الغناء. و سميته كتاب الأنوار النعمانية في بيان معرفة
النشأة الإنسانية راجيا منه سبحانه أن يجيرنا من أحوال البرزخ و الحساب، و أن
يجعله مقبولا عند أصفيائه أولي الألباب و قد إلتزمنا أن لا نذكر فيه إلا ما أخذناه
عن ارباب العصمة الطاهرين، أو ما صح عندنا من كتب الناقلين، فأن كتب التواريخ
أكثرها قد نقله الجمهور من تواريخ اليهود، و لهذا كان اكثر ما فيها الأكاذيب
الفاسدة، و الحكايات الباردة و قد رتبناه على أبواب ثلاثة.
(الباب
الاول) يشتمل على أنوار
نور، في
معرفة الباري سبحانه
إعلم أن
المحققين قد أكثروا الدلائل على إثبات الواجب، و على كيفية صفاته الثبوتية و
السلبية، و قد كثرت المناقشة بينهم حتى قال بعضهم إنه لم يقم دليل على إثبات
الصانع و وحدته خال عن إلاعتراض لإبتناء أكثرها على إبطال الدور و التسلسل و في
إبطالهما كلام كثير و إذا كان الحال على هذا المنوال فكيف يعلق إثبات الواجب و
وحدته و ما يتبعهما على مثل هذا. مع أن الدلائل على مثل هذا لا تكاد تحصى. و في كل
شيء له آية تدل على أنه واحد[1]. و في
الدعاء يا
[1] هذا البيت لابي المتاهية الشاعر المشهور و هو ابو اسحاق
اسماعيل بن القاسم بن مؤيد بن كيبان العنزي بالولاء العيني الولود( 130) ه و
المتوفى( 210) و في تاريخ وفاته اقواله اخر. بي