نام کتاب : ترتيب السّلوك و يليه رسالة في أدب العلم نویسنده : ابن عطاء اللّه السّكندري جلد : 1 صفحه : 25
يهرب ألف رجل ممن سلك هذا الطريق من هذه
اللذة. و لا يهرب منهم واحد من الألم الذي يجد في غير هذا المقام، لأن غير هذه
اللذة[1] أصعب و
أقرب إلى الموت، لأن العبد يذوب فيه و يتلاشى، و كأنه ينعدم، حتى يبلغ العبد في
هذه الحالة أن صحبته هذه، و لم تسقط عنه، إلى أن يهرب من الحلاوة، لأنه إذا خلا
ساعة، تستولي عليه هذه الأمور، حتى تقرّبه إلى الموت.
فكما أن المبتدىء يهرب من الخلق، و يؤثر الحقّ، فإذا بلغ العبد إلى
هذا المقام، صار يستعيذ من هذه الحال، مع أن قلبه مائل إليه، لما فيه من اللذة، و
ما يجده من الحلاوة في هذه اللذة، تتقوى به معرفته، و تنحدّ بصيرته، حتى كأنه يسمع
وقع أقدام النعل. و في بدايته يتمنى ألا ينام، و في هذه الحالة يجد للمنام راحة
عظيمة، و يطيب له.
و علامة صحة هذه اللذة أن العبد لا يأخذه النوم ما دام في هذه الحالة
و لو بقي سنين، حتى يضعف وجود هذه الحال عنده. و حينئذ ينام و يجد المنام سبيلا
إليه.
فصل لأهل النهاية
مسألة: و هي أنه يردهم خطاب لا يشكّون أنه من
الحق، و تكون مخاطبة باللفظ و المناجاة، فيجيبه السّر، و العبد يسمع من السّر
الجواب، و من الحقّ الخطاب. و مدة ينقهر السر تحت الهيبة، فلا يستطيع كلاما. ثم
يجد مدة كلاما، و يزعم أن هذا الكلام من نفسه، أو أنه منه، و ليس للعبد فيه شيء.
و يعلم العبد بمعرفته كأنه يرى في المنام أنه هو الحق. ولا يشك في ذلك[2] الكلام أنه كلام الحق. فإن غاية
هذه المعرفة أن يقع التمييز في هذا المقام، و هذا المقام يقال له: «جمع الجمع»، و
لهذا قال قائلهم:
«أنا الحق»[3]، و قال
الآخر: «سبحاني»[4]، و لم يقل
ذلك إلا الحق، و اضمحل الرسم، و بقي الجسم.
[3] -قال الحلاج: هذه العبارة في كتاب« الطواسين»( انظر
طاسين الأزل و الالتباس، ص 104)، و ممّن نسبها إلى الحلاج أبو المظفر الإسفراييني(
انظر التبصير في الدين: ص 119)، عبد القاهر البغدادي( انظر الفرق بين الفرق: ص
262)، و الجامي( انظر نفحات الأنس: ص 525).
[4] -نسبها السراج الطوسي لأبي يزيد البسطامي( انظر
اللمع: ص 333)، كما نسبها إليه السيوطي في رسالته« تنزيه الاعتقاد عن الحلول و
الاتحاد»( انظر الحاوي للفتاوي: 2/ 310).
نام کتاب : ترتيب السّلوك و يليه رسالة في أدب العلم نویسنده : ابن عطاء اللّه السّكندري جلد : 1 صفحه : 25