نام کتاب : تذكرة الأولياء عطار نيشابوري (معرب) نویسنده : اصيلي وسطائي، محمد جلد : 1 صفحه : 422
فأجاب المنصور و قال: اعمل بقولي، فإنّ عملي
لا ينفعك، و تقصيري في العمل لا يضرّك[1].
نقل أنه كان يعبر في بعض الليالي في بعض السّكك، فسمع من يناجي ربّه
و يقول: إلهي، ما جرى عليّ ما كان لأجل أنّي قصدت مخالفتك؛ و لكن أضلّتني نفسي، و
أغواني الشّيطان، لا جرم وقعت فيما وقعت، إن لم تمسك بيدي فمن يمسك بيدي؟ و إن لم
تعف عنّي، فمن يعفو عنّي؟ و من ينجيني من عذابك و عقابك؟ فإنّي قد سوّدت وجهي، فكم
أرجع إليك و أتوب و أعصي! كان يذكر من هذا النوع و يبكي، فقال المنصور: أعوذ
باللّه من الشيطان الرجيم:
وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ
شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التحريم: 6] فلمّا أصبح اتّفق له عبور في ذلك الطريق، فسمع بكاء في
ذلك البيت، فسأل من شيخ هناك عن الحال، فقال: كان لي ابن يبكي البارحة من خوف
اللّه تعالى، فعبر شخص، و أسمعه آية من القرآن، فحين سمع مات في ساعته من خوف
اللّه تعالى.
نقل أن هارون الرشيد سأل عن المنصور بن عمّار مسألة، و أمهله ثلاثة
أيام، فقال: من أعلم الناس؟ و من أجهل الناس؟ فخرج المنصور من مجلسه، ثم رجع عن
الطريق، و قال: يا أمير المؤمنين، أعلم الناس المطيع الخائف، و أجهلهم العاصي
الآمن.
و من كلامه أنه قال: سبحان من جعل قلوب العارفين محلّ ذكره، و
[قلوب] الزاهدين موضع التوكّل، و قلوب المتوكّلين منبع الرضا، و قلوب الفقراء
منزل القناعة، و قلوب أهل الدنيا مقرّ حبّ جمع المال.
قال: الناس على قسمين: قسم عارف بنفسه[2]،
و قسم عارف باللّه. فالأول مشغول بالمجاهدة و الرياضة، و الثاني بالعبادة و الطلب.
[1] -كأنه ترجمة لبيت الخليل بن أحمد كما جاء في عيون
الأخبار لابن قتيبة 2/ 125: