نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 600
فقد وهبت لنا النعم، و أمرتنا بالسخاء و
الكرم، و وفقتنا لعطائها، و وعدتنا بالنعيم الجزيل عليها، فلله ما أعطى و له ما
أخذ. فإذا عرف العبد هذا لم تبق له وسيلة يتوسل بها إلا فضل اللّه و كرمه. و في
مناجاة الجنيد رضي اللّه تعالى عنه: يا ذاكر الذاكرين بما به ذكروه، يا بادئ
العارفين بما فيه عرفوه، يا موفق العابدين لصالح ما عملوه، من ذا الذي يشفع عندك
إلا بإذنك، من ذا الذي يذكرك إلا بفضلك، و استقراض الرب من عبده ما وهبه له غاية
في ترفيعه لقدره و إبانته لشرفه، و وعده مع ذلك جزيل الثواب نهاية في إكرامه له و
تفضله عليه. و قال بعضهم: ملكك ثم اشترى منك ما ملكك، ليثبت لك معه نسبة، ثم
استقرض منك ما اشتراه، ثم وعدك عليه من العوض أضعافا، بين فيه أن نعمه و عطاياه
بعيدتان أن تكونا مشوبتين بالعلل انتهى. قال ابن عباد رضي اللّه تعالى عنه: و لما
بين أن طلب الحق سابق على طلب العبد طلب منه أن يطلبه ليتحقق منه الطلب، فقال في
المناجاة الثامنة و العشرين:
409- إلهي اطلبني برحمتك حتى أصل إليك.
أي أطلبني برحمتك الأزلية حتى أطلبك و أصل إليك، فإن الطلب سابق
الوصول، و هذه طريقة السلوك. ثم أشار إلى طريق الجذب و العناية فقال:
410- و اجذبني بمنتك حتى أقبل عليك
قلت: و لو عكس لكان أحسن؛ فيقول اطلبني برحمتك حتى أقبل عليك، و
اجذبني بمنتك حتى أصل إليك فإن الجذب هو الاختطاف من شهود الأكوان إلى شهود
المكوّن، و الغالب أن يكون بعد التوجه و الطلب و المجاهدة و التعب، و قد يجذب أولا
ثم يرد إلى السلوك، و الأول أكمل. ثم إذا حصل طلب الرب لعبده حتى وصل إليه لا
ينقطع عنه خوفه و رجاؤه، كما أبان ذلك في المناجاة التاسعة و العشرين بقوله:
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 600