نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 505
روي أن بعض المريدين قام ليلا لعبادته فلم
يجد قلبه، فقال: إذا أصبحت شكوت هذه الوسوسة للشيخ، فوقف الشيطان على الشيخ و قال:
إن فلانا يريد أن يشكوني و أنا ما ظلمته، إن الدنيا بستاني و أنا أحرسها، فمن أخذ
مني شيئا لا أتركه حتى يترك ما أخذ، فلما أصبح جاء الشيخ فقال له الشيخ: جاء إبليس
يشتكي منك، ما الذي أخذت له؟ فقال: يا سيدي خلق ثوبي فطلبت إبرة لأرقعه، فقال له:
أخرجها له، و قل لنفسك: الموت أقرب من ذلك، فطرحها فوجد قلبه، و أنشدوا:
لا
تحقرنّ ضعيفا عند رؤيته
إنّ
البعوضة تدمي مقلة الأسد
و
للشرارة حقر حين تنظرها
و
ربما أضرمت نارا على بلد
ثم هذا الذي تشتغل به و تسارع إليه هو أيضا يطلبك و يسارع إليك، و إن
تقربت إليه شبرا تقرب إليك ذراعا، كما أبان ذلك بقوله:
268- و من أيقن أنّ اللّه يطلبه صدّق الطلب إليه.
قلت: اليقين هو سكون القلب و طمأنينته بحيث لم يبق فيه اضطراب و لا
ريب في جميع الأمور، و طلب اللّه لعبده من وجوه: منها أنه يطلبه بالقيام بحقوق
العبودية و وظائف الربوبية، و منها أنه يطلبه بالتوجه إليه و الفرار مما سواه، و
يطلبه بالعكوف في حضرته على بساط الأدب و المحبة، فمن أيقن أن اللّه يطلبه بهذه
الوجوه صدق الطلب إليه، و صدق الطلب هو إفراد القلب و القالب لجهة المطلوب بحيث لم
يبق له التفات لغيره، فلم يثق إلا به و لا يعتمد إلا عليه، كما أشار إلى ذلك
بقوله:
269- و من علم أنّ الأمر كلّه بيده انجمع بالتّوكّل عليه.
قلت: قال تعالى: وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ
الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ
[هود: 123]، و قال:
قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ
[آل عمران: 154]، فمن علم أن الأمور كلها بيد اللّه أمر الدنيا و أمر الآخرة، و
النفوس و القلوب، لم يبق له نظر إلى سواه، و انجمع بكليته عليه، قال تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3]، أي كافيه، و من كان اللّه كافيه
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 505