نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 503
المكاتبات
الباب السادس و العشرون
و حاصل المراسلات ثلاثة كتب و جواب، فأول الكتب رسالة في السلوك إلى
حضرة ملك الملوك، بدايتها و نهايتها و نصها، و قال رضي اللّه تعالى عنه مما كتب به
لبعض إخوانه:
265- أمّا بعد، فإنّ البدايات مجلاة النّهايات.
قلت: البدايات ما يظهر على المريد في أول دخوله من مجاهدة و مكابدة و
صدق و تصديق، و هو مظهر و مجلاة للنهايات: أي يتجلى فيها ما يكون في النهايات، فمن
أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فمن رأيناه جادّا في طلب الحق باذلا نفسه و فلسه و
روحه و عزه و جاهه ابتغاء الوصول إلى التحقق بالعبودية، و القيام بوظائف الربوبية،
علمنا إشراق نهايته بالوصول إلى محبوبه، و إذا رأيناه مقصرا في ذلك علمنا قصوره
عما هنالك، و أنشدوا:
بقدر
الكدّ تكتسب المعالي
و
من طلب العلا سهر الليالي
تريد
العزّ ثم تنام ليلا
يغوص
البحر من طلب اللآلي
و بالجملة من رأيته صادق العزم في البداية، فاعلم أنه من أهل
العناية، و من كان في سلوكه معتمدا على اللّه، و مفوضا أمره إلى اللّه كانت غاية
سلوكه الوصول إلى اللّه، كما نبه عليه بقوله:
266- و من كانت باللّه بدايته كانت إليه نهايته.
قلت: البداية باللّه هي ألا يرى لنفسه حولا و لا قوة، لا في عمل، و
لا في حال، و لا في مجاهدة، و لا مكابدة، بل ما يبرز منها من الأعمال أو من
الأحوال رآه منة من اللّه و هدية إليه، فإن كان هكذا فقد صحت باللّه بدايته و إليه
تكون نهايته. و مما يتأكد النظر إليه في البداية تصحيح ما يفتقر إليه في سلوكه من
علم الشريعة و علم الطريقة، فالعمل بلا علم جناية، و العلم بلا عمل وسيلة بلا
غاية، و في ذلك قيل:
إذا
كنت ذا عمل و لم تك عالما
فأنت
كذى رجل و ليس له نعل
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 503