نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 469
و في الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و
آله و سلم: «إنّما الكرم التقوى، و إنّما الشرف التواضع، و إنما الغنى اليقين، و
المتواضعون في الدنيا هم أصحاب المنابر يوم القيامة، إذا تواضع العبد رفعه اللّه
إلى السماء السابعة، و لا يزيد التواضع العبد إلا رفعة، فتواضعوا ليرفعكم اللّه، و
إذا رأيتم المتواضعين من أمّتي فتواضعوا لهم، و إذا رأيتم المتكبرين من أمتي
فتكبّروا عليهم، فإنّ ذلك مذلّة لهم و صغار بهم[1]»
انتهى. أوحى اللّه إلى موسى 7: إنما أقبل عمل من تواضع لعظمتي، و لم
يتكبر على خلقي، و ألزم قلبه خوفي، و قطع النهار بذكري، و كف نفسه عن الشهوات من
أجلي انتهى. ثم فسر التواضع الكامل فقال:
239- ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع، و لكنّ
المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع.
قلت: التواضع الحقيقي هو الذي ينشأ ممن يشاهد الأشياء كلها منه، فإذا
تواضع معها رأى أنها تستحق أكثر من ذلك التعظيم، و أن نفسه في الدناءة و الذل دون
أي أسفل مما صنع من التواضع، و ليس المتواضع الذي يرى لنفسه مزية على الأشياء،
فإذا تواضع معها رأى أن نفسه فوق و أفضل مما صنع من التواضع، فهذا هو المتكبر لأنه
أثبت لنفسه تواضعا أكثر مما تستحقه، و هذه الحكمة كأنها بيان و تتميم لما قبلها.
يحكى عن أبي الحسن بن الكرنبي أستاذ الجنيد رضي اللّه عنهما: أن رجلا دعاه ثلاث
مرات إلى طعامه ثم يرده فيرجع إليه بعد ذلك، حتى أدخله داره في المرة الرابعة
فسأله عن ذلك؟ فقال: قد ريضت نفسي على الذل عشرين سنة حتى صارت بمنزلة الكلب يطرد
فينطرد، ثم يدعى فيعود، و يرمى له عظم فيجيب، و لو رددتني خمسين مرة ثم دعوتني بعد
ذلك لأجبتك. قال أبو طالب رضي اللّه تعالى عنه: و حدّث عن بعض الصوفية أنه وقف على
رجل يأكل فمد يده و قال: إن كان ثم شيء للّه تعالى، فقال:
اجلس فكل، فقال: أعطني في كفي فأعطاه في كفه، فقعد في مكانه يأكل،
فسأله عن امتناعه
[1] - ذكره العجلوني في الكشف( 2/ 143)، و ابن رجب في
الجامع( ص 333)، بنحوه مختصرا.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 469