نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 425
بالمقصود، لأن أعمال الصوفية مبنية عل
العبادة القلبية، لأن الأعمال الظاهرة إن لم يوافقها القلب كانت أشباحا خاوية، و
باللّه التوفيق و اعلم أن من تخلص من رق طبعه و استنقذ من أسر نفسه فقد تحقق بمحبة
ربه، و المحبة لها بداية و وسط و نهاية، فأول المحبة و بدايتها ملازمة امتثال
الأمر و اجتناب النهي، قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل
عمران: 31]، و وسطها لهج اللسان بالذكر، و تعلق القلب بشهود المحبوب، و نهايتها لا
تدرك بالعبارة، و لا تلحقها الإشارة، و في هذا المعنى قيل:
فلم
يبق إلا الله لا ربّ غيره
حبيب
لقلب غاب عن كل مقصد
هنيئا
لمن قد نال حبّ حبيبه
و
خاض بترك الغير أكرم مورد
نعيم
بلا حدّ لديه مجدّد
على
عدد الأنفاس في كل مشهد
روي أن أبا يزيد رضي اللّه تعالى عنه كان بحذاء المنبر، فقرأ الخطيب: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
[الأنعام: 91]، فصبّر نفسه حتى طار الدم من عينه، فهذه المعاني لا تدركها العامة و
لا الخاصة، و إنما يذوقها خاصة الخاصة. و أنشدوا:
و
حقّك لو أفنيت قلبي صبابة
لكنت
على هذا حبيبا إلى قلبي
أزيد
على عذل العذول تشوّقا
و
وجدا على وجد و حبّا إلى حبّ
أبى
القلب إلا أنت في كل حالة
حبيبا
و لو دارت عليه يد الكرب
فلا
تبتليه بالبعاد فإنّما
تلذّذ
أنفاس المحبين بالقرب
و معنى محبة اللّه لعبده حين يقبل عليه هو تقريبه لحضرته، و هدايته
لمحبته من غير نفع له في ذلك، إذ لا تنفعه طاعة من أقبل عليه، و لا تضره معصية من
أدبر عنه، إذ هو غني عن الكل، كما أشار إلى ذلك بقوله:
211- لا تنفعه طاعتك، و لا تضرّه معصيتك، و إنّما أمرك بهذا و نهاك
عن هذا لما يعود إليك.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 425