responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 412

فهوى النفس: يرجع لشهواتها الجسمانية: كحلاوة المآكل و المشارب، و الملابس و المراكب، و المناكح و المساكن. و هوى القلب: هو شهواته المعنوية: كحب الجاه و الرياسة، و العز و المدح، و الخصوصية و الكرامات، و حلاوة الطاعات الحسية، كمقام العباد و الزهاد، و حلاوة علم الحروف و الرسوم. فأما علاج هوى النفس: فأمره قريب، يمكن علاجه بالفرار من أوطان ذلك و الزهد و صحبة الأخيار. و أما علاج هوى القلب: إذا تمكن فهو صعب، و هو الداء العضال الذي أعضل الأطباء: أي أعجزهم و حبسهم عن علاجه، فلا يزيده الدواء إلا تمكنا، و إنما يخرجه وارد إلهي بعناية سابقة بواسطة، أو بغير واسطة كما أشار إلى ذلك بقوله:

202- لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق.

قلت: الشهوة إذا تمكنت من القلب صعب علاجها، فلا يمكن خروجها في العادة، إلا بوارد قهري جلالي أو جمالي. فالوارد الجلالي: هو خوف مزعج، فيزعجك عن شهوتك، و يخرجك عن وطنك و أهلك. و الوارد الجمالي: هو شوق مقلق، فيقلقك عن مراداتك و حظوظك، فينسيك نفسك، و يؤنسك بربك، و لأجل صعوبة هذا المرض كان أشد حجابا عن اللّه العلماء، ثم العباد، ثم الزهاد، لأن هذه الشهوة خفية، لأن صاحبها أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‌ عِلْمٍ‌ الآية وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف: 104]، أي أضلهم عن طريق الخصوص، و بقوا في طريق العموم. أما العلماء الظاهريون: فهم يعتقدون أنه لا فضيلة فوق علمهم، حتى أني سمعت من بعضهم يقول: إن مقام الإحسان هو مقامهم الذي هم فيه من العمل بظاهر الكتاب و السنة، و لا مقام فوق ذلك، فكيف يمكن إخراج هذا إلا بعناية سابقة؟.

و أما العباد و الزهاد: فهم يقولون أيضا: هذه غاية المحبة و الطاعة، و يزيدهم بعدا ما يرونه من الكرامات الحسية، فيزدادون حجابا و تمكنا في حالهم. و أما العوام و أهل الغفلة: فهم أقرب الناس إلى الانقياد و النفوذ إلى ربهم، و في الحديث عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: «أكثر أهل الجنة البله‌[1]»، أي المغفلون، و مما يدلك على أن الشهوة القلبية أصعب من الشهوة النفسية


[1] - تقدم.

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 412
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست