responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 391

كل شي‌ء، و تشرب من كل شي‌ء، حتى تسرط[1] الكون بأسره، فلو أعطيتها الفكرة أو النظرة الذي هو طعام الرجال أول مرة و هي في مقام الأطفال للفظته و طرحته، فإذا بلغت الروح أن تأكل كل شي‌ء، و تشرب من كل شي‌ء، فقد صح لها أن تطير في الملكوت الأعلى، و تذهب حيث تشاء، و قد يختلف الشرب لجماعة من آنية واحدة لاختلاف مقامهم، كقضية الرجال الذين سمعوا قائلا يقول: يا سعتر بري، و ذلك أن رجلا في الصفا بمكة صاح يا سعترا ابري لرجل آخر كان اسمه ذلك فسمعه الثلاثة، فكل واحد تعلق بذهنه ما يليق بحاله، فسمع أحدهم الساعة ترى بري، و سمع الآخر: اسع ترى بري، و سمع الثالث: ما أوسع بري، فالأول كان مستشرفا، و الثاني مبتدئا، و الثالث كان واصلا. و كذلك قضية ابن الجوزي كان يقرأ ببغداد اثني عشر علما، فخرج يوما لبعض شؤونه، فسمع قائلا يقول:

إذا العشرون من شعبان ولّت‌

فواصل شرب ليلك بالنّهار

و لا تشرب بأقداح صغار

فقد ضاق الزمان على الصّغار

فخرج هائما على وجهه إلى مكة، فلم يزل يعبد اللّه بها حتى مات رحمه اللّه، ففهم من الشاعر انصراف العمر و ضيق زمان الدنيا كله. قال في لطائف المنن: و اعلم أن هذه المفهومات المعنوية الخارجة عن الفهم الظاهر ليست بإحالة اللفظ عن مفهومه، بل هو فهم زائد على الفهم العام، يهبه اللّه لهذه الطائفة من أرباب القلوب، و هو من باطن الحكم المندرج في ظاهره اندراج النبات في الحبة، و ذلك أن المدد النوراني و الفتح الرباني يتصل بعضه ببعض إلى الطرف الظاهر، فحيث‌[2] انتهت القوة انتهى الإدراك، فربما فهموا ما يوافق ظاهر المعنى الباطنى، و ربما خالفه من جهة ما، و ربما كان الفهم بعكس ظاهره. و قد كان الشيخ مكين الدين بن الأسمر رضي اللّه تعالى عنه ممن يشهد له الشيخ أبو الحسن رضي اللّه تعالى عنه بالولاية الكبرى، و المكاشفة العظمى، فأنشد إنسان في مجلسه:

لو كان لي مسعد بالرّاح يسعدني‌

لما انتظرت لشرب الرّاح إفطارا


[1] - سرط الشي‌ء: ابتلعه، و سار سيرا سهلا.

[2] - في المطبوع: حيث.

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست