نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 384
اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
[فاطر: 28]، و سئل مالك عن الحكمة؟ فقال: ما زهد عبد و اتقى إلا أنطقه اللّه
بالحكمة، ثم قال: من أراد أن يفتح اللّه عين قلبه فليكن عمله في السر أكثر من عمله
في العلانية، لأن عمل السر منبع الإخلاص، و الإخلاص منبع الحكمة، و سئل مرة أخرى
عن الحكمة أيضا فقال: نور يقذفه اللّه في قلب العبد المؤمن من فسحة الملك انتهى.
فأهل التنوير هم الحكماء، و هم العارفون باللّه، و للّه در القائل في وصفهم حيث
قال:
هينون
لينون أيسار بنو يسر
سوّاس
مكرمة أبناء أيسار
لا
ينطقون بغير الحق إن نطقوا
و
لا يمارون إن ماروا بإكثار
من
تلق منهم تقل لاقيت سيدهم
مثل
النجوم التي يسري بها الساري
و قولنا في وصفهم: يشهدون ما من اللّه إلى اللّه يعني أنهم غائبون عن
أنفسهم لا يرون إلا تصريف الحق في مظاهر أنواره. قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي
اللّه تعالى عنه: الناس على ثلاثة: عبد يشهد ما منه إلى اللّه، و عبد يشهد ما من
اللّه إليه، و عبد يشهد ما من اللّه إلى اللّه، الأول: ذو حزن و أشجان، و الثاني:
ذو فرح و امتنان، و الثالث: لم يشغله عن اللّه خوف نار و لا مثوى جنان، الأول: ذو
كدّ و تكليف، و الثاني: ذو عناية و تعريف، و الثالث: مشاهد للمولى اللطيف، ثم قال:
و قليل العمل مع شهود المنة خير من كثيره مع رؤية التقصير من النفس انتهى مختصرا.
ثم ذكر علامة التعبير الذي يسبقه التنوير، و الذي يسبقه التكدير، فقال:
183- كلّ كلام يبرز و عليه كسوة القلب الذي منه برز.
قلت: علامة الكلام الذي يسبقه التنوير هو تأثيره في القلوب، و تهييجه
الأرواح و تشويقه الأسرار، فإذا سمعه الغافل تنبه، و إذا سمعه العاصي انزجر، و إذا
سمعه الطائع زاد نشاطه، و عظم شوقه، و إذا سمعه السائر طوي عنه تعب سيره، و إذا
سمعه الواصل تمكن من حاله، فالكلام صفة المتكلم، فإذا كان المتكلم ذا تنوير وقع في
قلوب السامعين، و إذا كان ذا تكدير حد كلامه آذان المستمعين، فكل كلام يبرز و عليه
كسوة القلب الذي منه برز، و لذلك قال سيدنا علي كرم اللّه وجهه: من تكلم عرفناه من
ساعته، و من لم يتكلم عرفناه من يومه، و قيل: الناس
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 384