responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 347

و الجبروت ما يدرك بالبصيرة و المعرفة، و هذه العوالم محلها واحد و هو الوجود الأصلي و الفرعي، و إنما تختلف التسمية باختلاف النظرة، و تختلف النظرة باختلاف الترقي في المعرفة، فالوجود عند المحققين من العارفين واحد: قسم لطيف غيب لم يدخل عالم التكوين، و قسم كثيف دخل عالم التكوين، فالأول يسمى عالم الغيب، و الثاني عالم الشهادة، و ما كان خفيّا في عالم الغيب ظهر في عالم الشهادة، فمن نظر إلى حس الأشياء الظاهر سماه ملكا، و يسمى أيضا عالم الحكمة و عالم الأشباح، و من نظر إلى أسرار المعاني القائمة بالأواني و هي أسرار الذات القائمة بأنوار الصفات سماه ملكوتا، و من نظر إلى الأسرار الأزلية التي كانت حال الكنزية التي لم تدخل عالم التكوين سماه جبروتا. أو تقول: و من نظر إلى الكثيف‌[1] الذي دخل التكوين و رآه مشتغلا بنفسه قائما بقدرة اللّه سمي في حقه ملكا، و هو لأهل الحجاب من أهل الفرق، و من رآه نورا فائضا من النور اللطيف متصلا به إلا أنه تكثف بالقدرة و تستر بالحكمة سماه ملكوتا، و سمي اللطيف الباقي على أصله الذي لم يدخل عالم التكوين، الذي هو أول كل شي‌ء و آخر كل شي‌ء و محيطا بكل شي‌ء جبروتا، فإن ضم الفرع إلى أصله و الكثيف إلى اللطيف سمي الجميع جبروتا، و هذه المعاني لا يفهمها إلا أهل الأذواق بصحبة أهل الأذواق، و حسب من لم يبلغ لهذا المقام التسليم، و إلا وقع في الإنكار على أولياء اللّه بما لم يحط به علما. و لنرجع إلى كلام الشيخ رضي اللّه تعالى عنه فنقول: ربما كشف اللّه عنك الحجاب، و ترقيت إلى الدخول مع الأحباب، فأخرجك من سجن رؤية الأكوان إلى شهود المكّون، و من عالم الأشباح إلى عالم الأرواح، فأطلعك على غيب ملكوته، فأبصرت الكون كله نورا فائضا من بحر الجبروت، فألحقته بأصله، و فنيت عن شهود الملك الذي هو عالم الفرق بشهود الملكوت، الذي هو عالم الجمع الذي قال فيه ابن البناء:

مهما تعدّيت عن الأجسام‌

أبصرت نور الحقّ ذا ابتسام‌

و حجب عنك الاستشراف على أسرار العباد رحمة بك، لأنك قد تحجب بذلك عن شهود الملكوت، فلا عبرة عند المحققين بمكاشفة أسرار العباد، فقد تكون عقوبة في حق صاحبها كما


[1] - في المطبوع: الكفيف.

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست