نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 327
حتى يتحدث الناس بذلك و يزيدون، قيل: يا
رسول اللّه كيف يزيدون؟ قال: المؤمن يحبّ ما زاد في عمله[1]»
الحديث. و في حديث آخر قيل يا رسول اللّه: الرجل يعمل العمل خفية ثم يتحدث الناس
به فيفرح فقال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «له الأجر مرتين: أجر العمل، و أجر
الفرح[2]»، فإن مدح
بما ليس فيه و اغتر بذلك فهو جاهل بربه، كما أشار إليه بقوله:
144- أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظنّ ما عند الناس.
قلت: اليقين الذي عنده هو علمه بمساوئه و خفايا عيوبه، و ما انطوت
عليه سرائره من النقائص و التقصير، و ظن ما عند الناس هو ما يرون على ظاهره من
الكمالات و أنوار الطاعات، التي تصحبها العلل الباطنية، و الحظوظ النفسانية،
فيتوجهون إليه بالمدح و الثناء، فإذا قنع بذلك و فرح بما هنالك، فهو أجهل الناس و
أحمق الناس، إذ قد قنع بعلم الخلق، و لم يخف من مقت الحق، و المطلوب من الفقير عكس
هذا، و هو أن ينقبض عند المدح و ينبسط عند الذم حتى يستويا عنده، هذا إن كان
المادح من أهل الدين و الخير، و أما إن كان جاهلا أو فاسقا فلا غباوة أعظم من
الرضا بمدحهم و الفرح به. فقد روي عن بعض الحكماء أنه مدحه بعض العوام فبكى، فقال
له تلميذه: أتبكي و قد مدحك؟ فقال له: إنه لم يمدحني حتى وافق بعض خلقي خلقه فلذلك
بكيت. و قال يحيى بن معاذ رضي اللّه تعالى عنه: تزكية الأشرار هجنة لك، و حبهم لك
عيب عليك، و قيل لبعض الحكماء: إن العامة يثنون عليك، فأظهر الوحشة من ذلك و قال:
لعلهم رأوا منى شيئا أعجبهم، و لا خير في شيء يعجبهم و يسوءني انتهى. فينبغي
للفقير أن يخفي محاسنه و أعماله التي يمدح عليها، و يظهر ما يسقط به من أعينهم مما
هو مباح كما تقدم في الخمول. و كان شيخ شيخنا مولاي العربي رضي اللّه تعالى عنه
يقول: فينبغي للفقير ألا يكون صيته أكبر من قدمه، بل يكون قدمه أكبر من صيته، و
قدره أكبر من دعواه انتهى. فيكون جلالي الظاهر جمالي الباطن، فكل ما تظهره على
ظاهرك من الجلال يدخل في
[1] - روام الحكيم في النوادر( 4/ 83)، و البيهقي في
الشعب( 5/ 359).