نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 229
و الإلهامات اللدنية التي بها يترك كل شيء.
قال بعضهم: في الدنيا جنة من دخلها لم يشتق إلى جنة الآخرة، و لا إلى شيء و لم
يستوحش أبدا، قيل و ما هي؟
قال معرفة اللّه. و قال بعض العلماء: ليس في الدنيا ما يشبه نعيم
الجنة إلا ما يجده أهل التملق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة، و كان بعضهم
يقول: التملق للحبيب، و المناجاة للقريب في الدنيا ليس من الدنيا، هو من الجنة
أظهره اللّه في الدنيا لا يعرفه إلا هم، و لا يجده سواهم روحا لقلوبهم انتهى.
و منها ما يجده من الثمرات بعد عملها، و هو الذي أشار إليه بقوله:
[و ما هو مورده عليهم من وجود مؤانسته].
قلت: هذه المؤانسة التي يجدها العامل بعد العمل على ثلاثة أقسام:
مؤانسة ذكر، و هو لأهل الفناء في الأفعال، و مؤانسة قرب، و هو لأهل الفناء في
الصفات، و هم أهل الاستشراف، و مؤانسة شهود، و هو لأهل الفناء في الذات، فالأول
لأهل الإسلام، و الثاني لأهل الإيمان، و الثالث لأهل الإحسان، فمؤانسة الأول: توجب
له الفرار من الناس و الوحشة منهم، و مؤانسة الثاني: توجب القرب لهم على حذر منهم،
و مؤانسة الثالث: توجب الصحبة لهم، و مخالطتهم لأنه يأخذ منهم و لا يأخذون منه،
فالأول لا تليق به إلا العزلة لضعفه، و الثاني تليق به الصحبة مع العفة ليتعلم
القوة، فهو يشرب منهم و لا يشربون منه لبعده منهم بقلبه، و الثالث لا تليق به إلا
الصحبة لتحققه بالقوة، فهو يأخذ النصيب من كل شيء، و لا يأخذ النصيب منه شيئا،
يصفو به كدر كل شيء، و لا يكدر صفوه شيء، و مؤانسة الذكر توصل لمؤانسة القرب، و
مؤانسة القرب توصل لمؤانسة الشهود، فمن صعد عقبة أفضت به إلى راحة ما بعدها. قال
بعض العارفين: ليس شيء من الطاعات إلا و دونه عقبة كئود يحتاج فيها إلى الصبر،
فمن صبر على شدتها أفضى إلى الراحة و السهولة، و إنما هي مجاهدة النفس و مخالفة
الهوى، ثم و اللّه مكابدة في ترك الدنيا، ثم اللذة و التنعم أي ثم تكون لذة
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 229