responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 182

67- إذا رأيت عبدا أقامه اللّه بوجود الأوراد، و أدامه عليها مع طول الإمداد، فلا تستحقرنّ ما منحه مولاه، لأنّك لم تر عليه سمات العارفين، و لا بهجة المحبّين، فلو لا وارد ما كان ورد.

قلت: ما ذكره الشيخ هنا من مؤكدات هذه الباب كلها في الآداب، و هو أن لا يستحقر شيئا من تجليات الحق على أي حال كانت، فلا ينبغي أن ينازع مقتدر، و لا أن يضاد قهار، و لا أن يعترض على حكيم، فإذا رأيت عبدا أقامه الحق تعالى بوجود الأوراد ككثرة صلاة و صيام و ذكر و تلاوة و اجتهاد، و أدامه عليها مع طول الإمداد بكسر الهمزة أي استمراره معه، و هو تقويته في الباطن و صرف الشواغل و الشواغب في الظاهر، لكنه لم يفتح عليه في علم الأذواق، و عمل القلوب، فلا تستحقرن حاله و ما منحه مولاه، لأجل أنك لم تر عليه سمات العارفين من السكينة و الطمأنينة و راحة الجوارح و القلب بسبب هبوب نسيم الرضا و التسليم على أرواحهم. و قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه:

سمات العارفين ثلاث: أولها: الإعراض عما سوى معروفهم بكل حال و على كل وجه. الثاني: الإقبال عليه بترك الحظوظ و إقامة الحقوق. الثالث: الرضا عنه في مجاري أقداره انتهى. و لا تستحقر حاله أيضا لأجل أنك لم تر عليه بهجة المحبين، و هي الفرح بمحبوبه و الإكثار من ذكره، و القيام بشكره، و الاغتباط بمحبته، و المسارعة إلى محابه و طلب مرضاته، و الخضوع لعظمته و التذلل لقهره و عزته:

تذلّل لمن تهوى فليس الهوى سهل‌

إذا رضي المحبوب صحّ لك الوصل‌

تذلّل له تحظى برؤيا جماله‌

ففي وجه من تهوى الفرائض و النّفل‌

فكيف تستحقر من دامت خدمته و اتصلت أوراده؟ فلولا وجود الوارد الإلهي في باطنه ما قدر على إدامة أوراده، و لو لا وارد ما كان ورد، فالوارد ما منه إليك و الورد ما منك إليه، وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَكى‌ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً [النور: 21]، وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ‌

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست