نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 180
تعالى أعلم. و ثانيها: نصيحتهم بتعليم
جاهلهم و إرشاد ضالهم، و تقوية ضعيفهم و لو بالسفر إليه، فإن فيهم أهل بدايات و
نهايات و القوي و الضعيف، فكل واحد يذكره بما يليق بمقامه، خاطبوا الناس بقدر ما
يفهمون، كما في الحديث. و ثالثها:
التواضع لهم، و الاستنصاف من نفسك معهم، و خدمتهم بقدر الإمكان،
فخديم القوم سيدهم، فمن عرض له شغل لا ينفك عنه، فالواجب إعانته ليتفرغ منه إلى
ذكر اللّه إن كان خفيفا، قال تعالى: وَ تَعاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَ التَّقْوى [المائدة: 2]، فكل ما يشغل قلب الفقير
فدفعه جهاد وبر. و رابعها: شهود الصفا فيهم و اعتقاد كمالهم فلا ينقّص أحدا، و لو
رأى منه ما يوجب النقص في الظاهر، فالمؤمن يلتمس المعاذير، فليلتمس له سبعين عذرا،
فإن لم يزل عنه موجب نقصه فليشهده في نفسه، ف «المؤمن مرآة أخيه[1]»،
ما كان في الناظر يظهر فيه، فأهل الصفا لا يشهدون إلا الصفا، و أهل التخليط لا
يشهدون إلا التخليط. و أهل الكمال لا يشهدون إلا الكمال، و أهل النقص لا يشهدون
إلا النقص، و تقدم في الحديث عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير: حسن الظّن باللّه، و حسن الظّنّ
بعباد اللّه. و خصلتان ليس فوقهما شيء من الشرّ: سوء الظنّ باللّه و سوء الظنّ
بعباد اللّه»، و باللّه التوفيق. فهذه من جملة الآداب التي يجب على الفقير
مراعاتها، و التحفظ عليها سواء كان طالبا أو سائرا أو واصلا، و قد تقدمت في أول
الباب الأول ثمانية آداب بعضها في حق العارف، و بعضها في حق السائر، فليراجعها و
ليعمل بمقتضاها، فإن الطريق كلها آداب حتى قال بعضهم: اجعل عملك ملحا و أدبك
دقيقا. و قال أبو حفص رضي اللّه تعالى عنه: التصوف كله آداب لكل وقت آداب، و لكل
حال آداب، و لكل مقام آداب، فمن لزم الأدب بلغ مبلغ
[1] - رواه البخاري في الأدب المفرد( ص 93)، و الضياء
في المختارة( 6/ 180)، و البيهقي( 8/ 167).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 180