حفظ الأخلاق المحمودة الى الاستماع ما يسر
النفوس كاستماع اخبار الأفاضل و المتأهلين و استماع علوم العلماء الألهية منها
اعني الشرعية و العقليات و اخبار المتدينين و اهل الورع و الطهارة لأن في استماع
جميع ذلك سرور للنفس الفاضلة و لذة افعال تصدر عن جوهرها الشريف، و هي يجب ان تكون
بتلك الحالات و تعينها و كذلك تجدها تكره استماع الحالات و تستشنع الكذب و
الأقاويل المذمومة و الأفعال القبيحة (و ....) من ذكر أهل هذه الأحوال فضلا عن
مشاهدتهم و استماع كلامهم فاجتهد أيها الحدث أن تقاوم طبعك المذموم الداعي لك الى
المذمومات و تمنعه لذاته، فان مع كل لذة محسوسة جسمانية آفة خفيّة مكروهة لا يقوي
على كشفها الا العقل، فخذ نفسك بما يسوقك اليه عقلك لا طبعك، لئلا تعتاد و تألف
لذّات الطبع فتحرمك لذّات العقل الدائمة السرور المأمونة من الشرور. و احرص في أن
تعود نفسك قلة الكلام مع كثرة الاستماع النافع فان حظّ المرء في أذنه و الحظ لغيره
في لسانه. و تجنب استماع الآراء المفسدة كمذاهب المتدهرة و الملحدة و كذلك توقّ
مشورات الجهلة و الحساد فانها تسوق الى هلاك النفوس و الأجساد فتأمل ما قلته لك و
قس عليه ما لم أقله ترشد أن شاء اللّه تعالى.
القول فيحاسة الشم و الاشياء الموافقة لها
اما حاسة الروائح فليست تكون ما تراه ظاهرا من المنخرين لكنها تكون
بما داخل القحف من البطينين المقدمين من بطون الدماغ و ذلك بالروح النفساني الذي
فيهما من الدماغ و لكن لما كانت حاسة الشم لا تتم ايضا الا بتوسط الهواء الحامل
للبخارات و الروايح الى هذين البطينين و كان الهواء قد يحمل ايضا مع ذلك أجساما
لطافا و كانت ايضا الحاجة الى استشاق الهواء في بقاء الحياة على الحيوان ضرورية. و
كان أيضا ما ينقيه الدماغ من فضلاته قد يحدره بالمنخرين من جهة هذين البطينين
لانهما مطّلين[1] على
المنخرين، لطف الخالق تعالى للحيوان بحاجز يحجز دون هذين (البطينين) اللذين هما
آلة الشم، و خلقه مثقبا كثقب الاسفنج و لتصفّى[2]
منه فضلات الدماغ و تصل اليه من تلك الثقوب الروائح مع