الباب العشرين فيما ينبغي للطبيب ان
يدّخره و يعدّه من وقت صحته لوقت مرضه و من زمان شبابه الى زمان شيخوخته[1]
..... فضيلة الانسان على سائر الحيوان و وجب لفضله ان يجتهد في اصابة
منافعة و مصالحه و اعدادها اكثر مما يفعله الحيوان فان وجد من هو ناقص العقل قليل
الادب و الفضيلة فلا أقل من ان يتخذ له مصالحه و يعدها كما يعمل احقر الحيوان و
أصغر المواشي اعني النمل، و لا بأس بأن يتعلم العاجز منه فانه على صغر جسمه و قلة
قوته يعد من بعد احكام بيوته في زمان الصيف و الشتاء قوتا كثيرا و يخدم قوته في
بيوته من تكسير ما كان حبا لما يخاف نباته و نشر ما قد ندي في الشمس و ما أشبه
ذلك، فان تفقد هذه الاعمال من الحيوان تحرك العاقل الى اتخاذ مصالحه في اوقات
امكانها قبل فوتها، و يبعثه ايضا على فكره بعقله من تعرف عللها و في ذلك يترقى الى
حكمة العلة الاولى التي هي فوق كل حكمة، و عند ثورة وجوده يسكن العقل حينئذ الذي
يمده بالفضائل و هو فوق كل وجود. و اذا كان العقل هو اتم المخلوقات و اكمل
المكونات فعلى العاقل من الناس ان يتبع اوامره و ينتهي عما نهاه لان الباري تعالى
جعله السراج لخلقه فيه يستضيؤن و بنوره يهتدون الى توحيد وجوده و حكمته و شرائعه و
بالجملة الى جميع ما يصلحهم في دنياهم و آخرتهم. فبواجب أذن اذ كان العاقل يجد
جميع حالات الجسم تتغير و تنتقل من
[1] ( 193 د) بداية هذا الباب في ورقة مفقودة و قد
وضعنا العنوان إعتمادا على ما جاء في تبويب الكتاب و محتويات ابوابه كما هو مدون
في بدايتة. و لا يمكن معرفة عدد الأسطر المفقودة. الا ان معنى الكلام الوارد في
الصفحة اعلاء يدل على انه في بداية الباب.