[الباب التاسع عشر] في العادات[1] المذمومة التي قد
اعتادها كثير من الناس فهي تضر بالمرضى و الأطباء
و لما كان الطبع يميل الى اللذات، و كانت اللذات كثيرة اصنافها
مختلفة انواعها صار الطبع يحب اجتماع اصنافها له، و يؤثر الا يفوته نوع من انواعها
و لذلك وقعت الالفة بين الناس و المحبة بين المتصادقين لاجل ما يجده احدهما عند
صاحبه من اللذة او اللذات. و لما كان اهل المروءة و اليسار و اصحاب الرياسات قد
وهب لهم من السعادات الدنيا ما حرمه من سواهم من الناس، و كانت تلك السعادات اعظم
اللذات عند الطبع و اجلها قدرا طلبت لذلك من فاته تلك السعادات للوصول اليها بضروب
من الحيل و الخدع فسلك كل من التمس السعادات بالعلوم و الآداب و الصنايع الجليلة
القدر العظيمة النفع و هؤلاء هم الذين يلتمسون سعادة بسعادة و هي اشرف منها، لان
سعادة العلم و الادب هي للنفس و سعادة المال حابسه للجسم. و كما ان النفس اشرف من
الجسم كذلك سعادة النفس اشرف من سعادة الجسم. و اما طالبوا السعادات الدنائية بغير
العلم و الأدب كطالبي المال و غيره من المقتنيات الجسمانية من المهن و الصنايع فهم
طالبو سعادة بما جانسها، و اذا كان ذلك كذلك فقد بقي من القسمة طلب شيء شريف و
سعادة نافعة بما هو ليس شريف و لا نافع، و الطالبون للشيء الشريف بالشيء الحقير
هم الذين يداخلون اهل المروءة و اليسار و الرؤساء باللعب و اللهو و الأمور المضحكة
و اصناف
[1] ( 193 ب) اول من كتب في العادات هو جالينوس، و
كتابه فيها مقالة واحدة، و فيها يقول ان العادة عرض يجب ان ينظر فيها كجانب من
احوال المريض عند اعتبار علاجه( ابن النديم ص 349، ابن ابي اصيبعة ص 140.