الباب السادس فيما ينبغي للطبيب ان ينظر
فيه من أمرالأدوية المفردة و المركبة و فسادها
و لان الأدوية أعظم الأسباب في شفاء الامراض فلذلك يلزم الطبيب
العناية بمعرفتها اولا ثم الجيد منها و الرديء. و الأدوية على ضربين منها مفردة و
منها مركبة فلذلك تكون الاسباب الجالبة الفساد على الادوية المركبة هي اكثر من
الاسباب التي فيها يدخل الفساد على الأدوية المفردة و ذلك من جهة (انها) الخطأ في
التركيب و قلة الحذق بصنعة التأليف و التركيب و المزاج و الخلط. فاصغ لما أذكره
ايها الطبيب فانك مضطر الى علمه. و قال فأول ما يجب ان يعلمه الطبيب و يعنى
بالخدمة فيه أمر الأدوية المفردة و لا يتم له و لا يصح بقراءته و معرفة ذلك من كتب
لكن بخدمته للأستاذين من أصحاب الأدوية و حافظيها و خزنتها.
و الأدوية المفردة على كثرة أصنافها يدخل عليها الفساد من وجهين
أحدهما فيما يخص جواهرها و الآخر فيما يخص اعراضها. فأما الفساد الداخل على
جواهرها فهو اجتنائها و ما قطع من الحشائش و الاشجار و استخرج من البذور و قلع من
الأصول[1] و الصموغ
و اشباه ذلك قبل كماله الطبيعي. و ما أخذ كذلك من الثمار كان فجا و من البذور كان
كثير الرطوبة ضعيفا فلذلك يجب ان لا تختزن منها شيئا قبل ان تحكمه الطبيعة و تتمم
نضجه.
و ما قلناه من ذلك هو بيّن لمن تأمل الفواكه و الحبوب و البقول فان
الناس دائما ينتظرون بها للبلوغ الى كمال نضجها لقلة الانتفاع بها قبل النضج فعلى
الطبيب ان يعرف أزمنة ذلك.