و ينبغي للطبيب مع ما تقدم[1]
به القول من التحذيرات له و الوصايا فيما يصلح نفسه و جسمه ان يحذر أشياء أخر
كثيرة في حفظ الأصحاء و في معالجة المرضى نحن نذكر منها هاهنا ما تهيأ ليستدل به
على ما لم نذكره، فأول ما ينبغي للطبيب أن يحذره و عليه الاحتراس منه هو الا يدبر
أحدا في حفظ الصحة او في معالجة عرض او يخير عقل من يريد تدبيره و عقل من يخدمه و
بعد ذلك أصلاح ما يوافقه في تدبيره ثم حينئذ يأخذ في تدبيره و الا فالأصلح له و
للمريض هو ألّا يدبره فيسوق الى المريض و الى نفسه ضروبا من المكاره و يكون قد جهل
من ذلك جهلا يصعب عليه تلافيه و ذلك لمخالفة قول الجليل بقراط حين قال: و قد ينبغي
لك الا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون ان يكون المريض و من يحضره كذلك و الأشياء
التي من خارج. فان بقراط قد أتى في هذه الوصايا التي ينبغي ان يستوصي بها الطبيب و
يحذرها من أمر المريض في نفسه و في أمر خدمه و عوّاده و ذلك بقوله و من يحضره. و
اما قوله الاشياء التي من خارج فانه يفهم منه امر موضعه الذي يسكنه و هو انه
المحيط به و أدويته و اغذيته و انواع تقديرها و اصلاحها و جميع ما تدبر به المريض
من استحمام و دلك و دهن و رياضة و اشباه ذلك من التدابير و العلاج التي ان
استعملها الطبيب في غير موضعها[2] و بغير
المقدار الذي يحتاج اليه بها ضرّ المريض و لم ينفعه و كان بذلك قد ترك موعظة بقراط