آثار اليونانيين قبل المسيحية و بعدها،
فاجتذبت اليها الناس من كل صوب و حدب و سرعان ما أبدل هؤلاء اسم المدينة من الاسم
اليوناني «أديسا» باسم سرياني «اورهاي» و استمرت هذه المدينة تحتفظ بهذا الأسم حتى
يوم خضوعها للمسلمين في سنة 627 للميلاد- بداية القرن الأول للهجرة- و لما استولى
عليها العثمانيون في مطلع القرن التاسع للهجرة سموها «أورفه» و موقعها في الوقت
الراهن قرب الحدود العراقية السورية التركية.
و تميزت بغداد المعاصرة لمدينة الرها في القرن الثالث للهجرة بكثرة
عدد الأطباء و في بوع بعضهم الطويلة في الطب و في ممارسته، فلا غرابة أن اجتذبت
اليها طلاب المعرفة الطبية، و استثتاجا كان من هؤلاء إسحاق بن علي الرهاوي فتعلم
الطب فيها و أتم تعلّمه و ربما يكون الرهاوي قد ذكر ذلك في أحد كتبه المفقودة، أما
كتابه «أدب الطبيب» فليس فيه ذكر أو اشارة لذلك، و انما قرأنا فيه انه تجوّل من
ديار الشام و الجزيرة فذكر الرقة، و حلب، و الموصل، و الشام كما ذكر بغداد باسم
دار السلام (عيون الانباء ص 167) و ذكرها مرة اخرى في ص 68.
منهج الكتاب:-
إعتاد أكثر المؤلفين العرب على ان يصدروا كتبهم بمقدمة يذكرون فيها
العوامل و الأسباب التي دفعتهم الى وضع مصنفاتهم، و لمن رفعوها، او قدموها لمن بين
مخدوميهم من الأمراء، و الرؤساء، و الخلفاء. أما إسحاق بن علي الرهاوي فيفيدنا في
مقدمة كتابه «أدب الطبيب» أنه وضع الكتاب لنفسه احتسابا و لتعميم ما فيه من
الفوائد في الطب، و ممارسته، فيقول في مقدمة الكتاب[1]
«تكلفت جمع ما قدرت عليه من الأداب التي ينبغي للطبيب أن يؤدب بها نفسه، و الاخلاق
المحمودة التي ينبغي أن يقوم بها طبعه» محتسبا للثواب في ذلك واثقا بمعونة اللّه و
تأييده. و قال أيضا[2]: كان أول
قصدنا من تأديب الطبيب، إنما قصدنا لصلاح نفسه، و تقويم أخلاقه أولا، و قد قدمنا
ذلك على مصالح