الاعضاء و ترسل ذلك في العروق (النابته)
منها الى كل عضو ما يشاكله و بحسب كفايته بعد ان تأخذ منه هي غذائها و تبقي منه ما
لا يصلح لغذائها و لا لغذاء الاعضاء من عكر و زبد و ماء ذلك تقدير العزيز الحكيم و
خلقت الكبد بشكل هلالي ذي زيادات محدودب الظاهر أخمص الباطن ليمكن بذلك احتواؤها[1] بتقعيرها و باصابعها الزائدة على
المعدة لتسخينها و تعينها على طبخ الغذاء فيكون مثالها مع المعدة مثال القدر
الموضوعة على الموقد و بالقوى الطبيعية التي في الكبد يتم الكون لان منها قوى أول
و هي المصورة و المربية و ثواني و هي الجاذبة و الماسكة و الهاضمة و الدافعة، و
بصلاح الكبد تصلح جميع هذه و تصلح حال الحي فلذلك يجب على الطبيب العناية بها فيما
يرد اليها من الأغذية و الأشربة و ما يبرز عنها و بالجملة من تقدير الأمور الطبيعية
بحسب مصلحتها كالذي تقدم به القول.
القول في المعدة
و بعد العناية من الطبيب بالاعضاء الرئيسة أعني الدماغ و القلب و
الكبد فانه ينبغي ان يعنى بتنقية الأعضاء التي هي خدم هذه الرئيسة و نفعها عام
لساير الجسم و أشد هذه تقدما المعدة لأن الطبخ الأول للغذاء فيها يكون و بها اذا
كان ما يفعله الفم و الاسنان و الاضراس و اللسان مع تقطيع الطعام و طحنه و اشباه
ذلك لا يستحق ان يسمى هضما و لا طبخا اذ كان منزلته منزلة ما يصلحه الطباخ من
التقطيع و الدقّ قبل طبخه. فالمعدة بالحقية هي اول آلات الطبخ و لذلك جعل ليفها
الآخذ عرضا ليفا موريا لكي تحتوي به و تقبض على الطعام ليتم لها سحقه و طبخه في
مدة ما من الزمان و تتعاون على ذلك قوتان احداهما الماسكة و الأخرى المغيرة و هي
الهاضمة، و هاتان القوتان فعلهما يتلوان فعل القوة الجاذبة (شيء لا تفعلان هاتان
القوتان شيئا) كما ان القوة الدافعة ثالثة في فعلها للقوتين المتوسطتين و لذلك جعل
للمعدة طريقان احدهما ينجذب اليها منه ما يرد اليها و هو المتصل بالمريء و الآخر
المسمى البواب و هو الثقب المتصل بأول المعا المسمى الأثنيعشري. و المعدة في
اسفلها الذي هو اوسع جرمها لحمي لأجل ان اكثر النضج به يكون و أعلاها عصبي لأجل ان
أكثر الحس لها به يكون. و اذا كان نفع المعدة ما ذكرنا فبحق يجب على الطبيب ان