تلامذته فيريد عدم الخروج من الدنيا حتى
يكملهم و يرشدهم إلى كمال مقامة المعرفة مع محبته للقاء اللّه تعالى أيضا، فلما
تجاذب عنده الأمران حصل بذلك صعوبة طلوع الروح، و لو لا ما عنده من كمال الشفقة
على تلامذته لكان أسرع الناس خروجا لروحه طلبا للقاء اللّه تعالى اه.
و كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول: سأل بنو إسرائيل عيسى صلى
اللّه عليه و سلم أن يحيي لهم سام بن نوح عليهما الصلاة و السلام فقال أروني قبره
فذهبوا فوقف على قبره و قال يا سام قم بإذن اللّه تعالى، قال: فقام حيا و إذا
برأسه و لحيته بيضاء، فقال له عيسى: إنك قد مت و شعرك أسود، فقال سام: نعم و لكني
لما سمعت النداء ظننت أنها القيامة فلذلك شابت رأسي و لحيتي الآن، فقال له عيسى:
كم لك من السنين ميت، فقال له: خمسة آلاف سنة و إلى الآن لم تذهب عني حرارة طلوع
الروح، و قد كان عيسى صلى اللّه عليه و سلم إذا ذكر يوم القيامة بين يديه يصيح
كصياح الثكلاء و يقول: لا ينبغي لابن مريم أن يسكت عند ذكر القيامة، و كان وهيب
المكي رحمه اللّه تعالى يقول: كيف ينبغي لأحد أن يضحك في الدنيا و هو يعلم أن بين
يديه يوم القيامة صرخات و جولات و وقفات يكاد الإنسان أن تنقطع مفاصله من شدة الرعب
و الخوف، و كان عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه يقول: في قوله تعالى: [فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ][1] قال هو من طلوع الشمس يوم السبت إلى نصف النهار فلا ينتصف النهار
حتى يفرغ الخلائق من الحساب و يستقرأ أهل الجنة في الجنة، و أهل النار في النار، و
كان سيدي علي الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: من وجد في نفسه داعية للتفرج في
البساتين و النوم مع النساء الحسان في الفراش الوطيئة و لبس الثياب المبخرة فهو
غافل عن أهوال يوم القيامة إلا أن يكون من كمل الأولياء الذي لا يشغلهم عن اللّه
تعالى شاغل في الدارين فاعلم ذلك يا أخي و الحمد للّه رب العالمين.
عدم الإعتناء ببناء الدور
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم الاعتناء ببناء الدور و نحوها ثم إن وقع أن أحدهم بنى دار اقتصر منها على ما
يدفع الضرورة من غير زخرفة و ذلك لعدم وجود ما يكفي ذلك من الحلال، و عدم طول أمل
فلا يدعهم قصر أملهم يفعلون ذلك، و قد بنى سيد أحمد الزاهد رحمه اللّه تعالى جامعه
و داره بطين و طوب و سقف ذلك بالجريد فعلم أن كل