الحمد للّه رب العالمين و أصلي و أسلم على سيدنا محمد و على سائر
الأنبياء و المرسلين و على آلهم و صحبهم أجمعين، و أقول سبحانك لا علم لنا إلا ما
علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
و بعد ...
فهذا الكتاب نفيس صغير الحجم كبير القدر. ضمنته جملة صالحة مما كان عليه
السلف الصالح. من صفات معاملتهم مع اللّه تعالى، و مع خلقه و حررته على الكتاب و
السنة تحرير الذهب و الجوهر و ذلك بحسب فهمي حال التأليف فهو كالكتاب المسمى
المنهاج للإمام النووي في الفقه.
فكما أن علماء العصر يفتون الناس بما فيه و ما حوى من الترجيحات كذلك
علماء السلف الصالح من الصحابة، و التابعين، و العلماء العاملين- رضي اللّه عنهم
أجمعين- أو بما منّ اللّه تعالى علي بالتخلق به أوائل دخولي في طريق محبة القوم
خوفا أن يقول بعض المتعنتين كيف يأمرنا فلان بالتخلق بأخلاق القوم و هو نفسه لم
يقدر على هذه الأخلاق فلذلك صرحت بكثير من الأخلاق التي منّ اللّه تعالى بها عليّ
دون أقراني بقولي و هذا خلق غريب لم أجد من تخلق به في هذا الزمان غيري، تنبيها
للسامعين على تخلقي به.
و إنني ما دعوتهم إلى التخلق به إلا بعد تخلقي به. و لو لا ذلك لكان
الأولى بنا كتم ذلك عن الإخوان كبقية أعمالنا التي لم نر من يطلب الاقتداء بنافيها
إذ لا فائدة في إظهار الأعمال إلا لأحد شيئين:
إما ليقتدي الناس بالعبد فيها، و إما ليظهرها من باب الشكر للّه
تعالى لا غير و كأن لسان حالي يقول لكل متعنت انظر يا أخي في أخلاقي فما وجدتني يا
أخي متخلقا به فتخلق به، و ما بقى لك عذر، و ما لم تجدني متخلقا به فعذري عذرك
فيه.
و كثيرا ما أكرر الخلق مرارا بعبارات مختلفة اقتداء بالقرآن العظيم،
و بصحيح الإمام البخاري و غيره من كتب الأدلة و بياثا للاعتناء بشأن ذلك الخلق و
كثرة تساهل الناس بتركه كما أقول في بعض الأوقات و هذا الخلق قد صار غريبا في هذا
الزمان و لا أعلم أحدا من أقراني تخلق به غيري إشارة لقلة من تخلق به من الأقران
لا ازدراء للإخوان كما قد يتوهم- معاذ اللّه- أن أقصد مثل ذلك.