responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 218

مجاهد النفوس‌

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): كثرة مجاهدة نفوسهم في العبادات و ترك الشهوات و عدم رضاهم بعد ذلك عنها إلى أن يموتوا، و هذا مجمع عليه عند القوم فمن خالفهم في ذلك فقد خرق إجماعهم و ذلك حرام، لأنه من قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، و قد قالوا من ظن أنه بغير بذل الجهد في الطاعات يبلغ شيئا من الدرجات فقد رام المحال، و قيل أيضا: لا تخرق لعبد العادات إلا إن زاد على الناس في العبادات، و ذلك لأن الكرامات فرع المعجزات فكما تميز النبي صلى اللّه عليه و سلم بكثرة الطاعات و المعجزات فكذلك الولي لا يقع له كرامة إلا إن جاوز أقرانه في الجد و الطاعات، و في الحديث [المجاهد من جاهد نفسه في اللّه عز و جل‌] ا ه.

و قد كان أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه يقول: أول ما تنكرون من الجهاد جهاد نفوسكم.

و كان أبو مالك الأشعرى رضى اللّه عنه يقول: ليس عدوك الذي إن قتلته آجرك اللّه عليه، و لكن عدوك الذي بين جنبيك- يعني النفس- و امرأتك التي تضاجعك و ولدك الذي من صلبك فهؤلاء أعدى لك، و كان خصر القارئ رحمه اللّه تعالى يقول: نحت الجبال بالأظافر حتى تنقطع الأوصال أهون من مخالفة الهوى إذا تمكن من النفس، و كان بشر الحافي رحمه اللّه تعالى يقول: ستون من مردة الشياطين لا يفسدون ما يفسده قرين السوء في لحظة، و ستون من قرناء السوء لا يفسدون ما تفسده النفس في لحظة، و إذا جعلت الأمور كلها على وفق المراد للعبد أتاه الخلل فيها من قبل نفسه.

و قد أجمع سائر الملل على أن رضا الرب جل و علا في مكروه النفس و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: الدنيا كلها محشوة بالعجائب و أعجب العجائب نجاة نفوسنا و نفوس أمثالنا من النار، و كيف ينجو من النار من كل أعماله تجره إليها، و كان إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى يقول: أصاب شخصا من الزهاد سهم فذبحه فقال الحمد للّه الذي أخذ لي بثأري من نفسي فكم ذبحتني من ذبح، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول:

أنا أعلم شقاوتي من الآن، فقيل له مرة: و كيف ذلك؟ قال: لأنهم قالوا من علامة سعادة المرء أن يكون عدوه عاقلا و أنا أرى خصمي لا عقل له، فقال: و من هو خصمك؟ قال: نفسي، فقيل له: أنت بحمد اللّه ذو عقل، فقال: كيف عقلي و أنا أبيع الجنة بشهوة نومة أو لقمة أو كلمة اه.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست