اللّه تعالى الموقف بعرفة فكان من دعاء مطرف
أن قال: اللهم لا تردهم في هذا اليوم من أجلي خائبين، و كان من دعاء بكر قوله: ما
أشرف هذه البقعة و ما أرجاها للدعاء لو لم أكن في الناس، و كان الحسن البصري رحمه
اللّه تعالى يقول: رب هالك بالثناء عليه و رب مستدرج بالإحسان إليه.
و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: ربما بلغ العجب بالفقير
إلى أن يصير يقول: لو عرضت عليّ حور الجنان ما التفت إليهن دون اللّه تعالى، و هو
ربما لو رأى جارية من جواري الدنيا لصلح قلبه بالميل إليها حتى بلغ العرش و و
اللّه لذنب تفتقر به إلى عفو اللّه تعالى خير لك من طاعة تفتخر بها على العباد، و
كان محمد بن واسع رحمه اللّه تعالى يقول لعباد زمانه: أف لكم دخل العجب في أعمالكم
مع قلتها و قد كان من قبلكم لا يعجبون بأعمالهم مع كثرتهم و اللّه ما أنتم إلا
كاللاعبين بالنظر لعبادة من كان قبلكم.
فاعلم يا أخي ذلك و فتش نفسك كل التفتيش فربما تعجب بترك العجب و
تكون أسوأ حالا ممن أعجب- يعني بالأعمال- فافهم و إياك يا أخي أن ترى نفسك على أحد
من المسلمين، و الحمد للّه رب العالمين.
الإنفاق
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
تقديمهم إنفاق الدراهم و الدنانير في إطعام الجائع و كسوة العريان و وفاء الديون
التي على الناس و هم لا يقدرون على وفائها على عمارة الزوايا و الدور و نحوها لا
سيما في هذا الزمان الذي لا يوجد فيه القوت إلا بمعاينة أسباب الموت إن كان الحقير
محترفا أو بذهاب دينه إن كان متعبدا لا حرفة له، و قد رأيت مرة شيخا من مشايخ
العصر يبني له في ضريح بقبة و تابوت فجاءه رجل أعمى معيل فطلب منه نصفا يأخذ
لعياله به خبزا فلم يعطه، فقلت له: أعط له نصفها فهو أفضل من عمارة هذه القبة فأبى
أن يعطيه فسقط من عيني من ذلك اليوم.
و قد كان عبد اللّه بن المبارك رحمه اللّه تعالى يعول أربعين دارا من
كل جانب، و كان الدجاج المشوي يحمل إلى سماطه و سألوه في شيء يعاونهم في عمارة
مسجد فأبى و قال:
لقمة في بطن جائع أرجح في ميزاني من عمارة المسجد أو عمرته وحدي، و
قد كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: [إذا أراد اللّه بعبد شرا أهلك ماله في
الماء و الطين]، و في الحديث أيضا [كل درهم ينفقه العبد فإن اللّه يخلفه إلا ما
كان في بنيان أو معصية].