responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 201

و كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: من سخافة عقل الرجل كثرة معارفه، و قد قيل لإبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى: ألا تخالط الناس فتأمرهم بالمعروف و تنهاهم عن المنكر، فقال لي: عدم لقائهم يسقط عني ذلك، و قيل لعمر بن عبد العزيز رحمه اللّه ألا تجالس الناس؟ فقال: إني لم أتفرغ لهم.

و قد كان الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى يقول: إنما طلبوا العزلة و الوحدة لأنها تورث الانتباه من رقدة الغفلة و تورث كثرة مراقبة اللّه تعالى بالغيب و ما أحد عبد ربه إلا أحب أن لا يعشر به أحد، فإن استطعت أن تمشي بين الناس و لا يمشوا لك، و تسألهم و لا يسألونك فافعل و و اللّه إني لألقى الرجل فلا يسلم علي فأرى الفضل له، و كذلك إذا مرضت و لم يعدني، و قد دخل عليه رجل مرة مهاجمة فقام و ترك له البيت فقال له الرجل: ما بالك يا أبا علي قمت رحمة لي لماذا؟ فقال له الفضيل و هل تريد إلا أن تتزين لي و أتزين لك و أنا و اللّه لا أجد لذة و لا راحة إلا إذا كنت وحدي.

و كان أبو الدرداء رضي اللّه تعالى عنه يقول: لقد أدركنا الناس و هم ورق لا شوك فيه و قد صاروا الآن شوكا لا ورق فيه، و كان سفيان بن عيينة رحمه اللّه تعالى يقول: قال لي سفيان الثوري رحمه اللّه في حياته و بعد مماته حين رأيته في منامي أقلل من معرفة الناس جهدك فإن التخلص منهم شديد و لا يرى الشخص ما يكره إلا ممن يعرفه، و قيل مرة لإبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى ألا تجالس الناس، فقال: إن الناس قد ذهبوا تحت أطباق الثرى اه.

فاعلم ذلك يا أخي و اعتزل عنهم جهدك فقد سمعت مقالاتهم في المائة الثانية فكيف بك و أنت في المائة العاشرة، و إياك أن يلعب بك إبليس و يقول لك أنت بحمد اللّه قد وصلت في المقام إلى حد لا يشغلك شي‌ء عن ربك فإن ذلك من دسائس إبليس، فإنك يا أخي بيقين أدون من هؤلاء السلف في المقام فافهم ذلك، و الحمد للّه رب العالمين.

التواضع‌

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): زيادتهم في التواضع كلما ترقى أحدهم في المقام عكس حال من قرب إلى السراج، فإن الشخص كلما قرب منه رأى نفسه كبيرا و هؤلاء القوم كلما قربوا من حضرة اللّه تعالى رأوا أنفسهم أصغر من البعوضة من شهودهم عظمة

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست