responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 198

العزلة

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): كثرة عزلتهم عن الناس و عدم كثرة مخالطتهم إلا لمصلحة شرعية، و على ذلك درج السلف الصالح فكانوا كل يوم لا يجتمع بهم أحد فيه يعدونه يوم عبد فمن أكثر مخالطة الناس فقد خرج عن طريق سلفه وفاته النفع و ذلك لأن من كثرة رؤية الناس له هان في عيونهم و سقط عندهم و رأوه كأحدهم في دناءة الأخلاق و الغفلة عن اللّه تعالى.

(قلت) و ما أتذكر أنني زرت أحدا من مشايخ هذا العصر و سلم مجلسي معه من الغيبة إلا قليل فلذلك أقللت من زيارتهم خوفا على ديني و دينهم لا تساهلا في حقهم، فإذا كان هذا حكم مجالس الأشياخ فكيف بغيرهم فاحفظ نفسك يا أخي كل الحفظ إذا زرت أحدا في هذا الزمان و لا تتهاون بذلك، و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول: خذوا حظكم من العزلة، و كان طلحة بن عبيد اللّه رضي اللّه عنه يقول: من أراد أن يقل من معرفة الناس لعيوبه فليجلس في بيته، فمن خالط الناس سلب دينه و لا يشعر.

و كان حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه يقول: وددت أن أغلق باب داري فلا أخرج لأحد حتى أموت، و كان الشعبي رحمه اللّه تعالى يقول: لم يجلس الربيع بن خيثم رحمه اللّه تعالى في مجلس قومه طول عمره إلا مرة واحدة جلس على باب داره فسقط عليه حجر فشج رأسه لا يدري من رماه فقام و قال: لقد وعظت يا ربيع ثم لم يخرج من بيته بعد ذلك إلا لضرورة حتى مات رحمه اللّه، و كان يقول من جلس على الطريق فليؤده حقه و ذلك برد السلام و نصرة المظلوم و الشهادة على الظالم و معاونة كل من كان في ضرورة.

و كان أبو حازم رحمه اللّه تعالى يقول: قل من يطيل مجالسة أخيه إلا و يقع من أحدهما ما يكره الآخر. فينبغي لكل من الأخوين أن لا يلقي أخاه إلا غبا، و كان أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه يقول: سيأتي على الناس زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل و التجبر لا يستقيم لهم الغنى إلا بالبطر و البخل و لا يستقيم له صحبة إلا باتباع الهوى فمن أدرك ذلك الزمان و صبر و حفظ نفسه أعطاه اللّه تعالى ثواب خمسين صديقا ا ه، و كان رضي اللّه عنه يقول: بلغنا أنه لا تكون الراحة لمؤمن في آخر الزمان إلا إن كان خامل الذكر بين الناس.

و قد بلغ الفضيل بن عياض إن ولده عليا رحمهما اللّه تعالى يقول: وددت إني بمكان أرى الناس منه و لا يروني، فقال أبوه: هلا أتمها، فقال: لا أراهم و لا يروني، و كان وهيب بن‌

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست