و عذرناك، و كان ميمون بن مهران رحمه اللّه
تعالى يقول: إذا كان لك عند أحد حاجة فاجعل رسولك الهدية فقد كانت عائشة رضي اللّه
عنها تقول: مفتاح قضاء الحاجة الهدية.
و كان عبد اللّه بن عباس رضي اللّه تعالى عنهما يقول: لا تطلبوا من
أحد حاجة بالليل فإن الحياء في العينين، و كان رضي اللّه عنه يقول: من بات يتقلب
على فراشه إذا نزل بي بلاء أو هم أو غم فلا أقدر على مكافأته لأنه جعلني حاجته عند
ربه عز و جل.
و كان عطاء رحمه اللّه تعالى يقول: إني لأسمع الحديث من الرجل و أكون
أعرفه قبل ذلك و سمعته مرارا فأصغي إليه إصغاء من لم يسمعه قط إلا منه، و ذلك خوفا
أن يخجل إذا سابقته إليه، و كان ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول: لكل داخل دهشة
فتقلوه بالرحب و ابدءوه بالتحية، و في الحديث [لا تنزلوا حوائجكم بمن لا يشتهي
قضاءها] و كان الربيع بن خيثم رحمه اللّه تعالى لا يعطي السائل كسرة و لا شيئا
مكسورا و لا ثوبا خلقا و يقول أستحي أن تقرأ صحيفتي على اللّه تعالى و فيها
الأشياء التافهة التي أعطيتها لأجله انتهى، فاعلم ذلك يا أخي و فتش نفسك هل أنت
على قدم سلفك فيما سمعته أم خالفت، و إياك أن تدعي أنك من الصالحين و الحمد للّه
رب العالمين.
المؤاخاة
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم مبادرتهم إلى المؤاخاة في اللّه تعالى بل يتربص أحدهم في ذلك السنة و أكثر
أدبا مع اللّه تعالى أن يؤاخي أو يصادق أحدا من غير معرفته بالوفاء بحقوقه و
تنزيله منزلة نفسه في أمور الدنيا و الآخرة و هذا الخلق يخل به كثير من الناس
فيبادرون إلى مؤاخاة من طلب منهم ذلك و مصادقته ثم بعد مدة يتصارمان، و قد قالوا
فساد الانتهاء من فساد الابتداء، و في الحديث [لا يتواد أحدكم اثنان فيفرق بينهما
إلا بذنب يحدثه أحدهما][1] و في
الحديث أيضا [سيكون في آخر الزمان قوم إخوان العلانية أعداء السريرة، قالوا: يا
رسول اللّه كيف ذلك؟ قال: يتواخون رغبة و رهبة]، و قد كان أنس بن مالك رضي اللّه
عنه يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يؤاخي بين أصحابه رضي اللّه عنهم
فتطول على أحدهم الليلة حتى يلقى صاحبه.
و قد كانت العامة إذا غاب أحدهم عن أخيه ثلاثة أيام يوبخ كل واحد
منهم