و قوله: لا تفرح بكثرة العيال فإن ذلك سوس
المال و فضيحة الرجال.
(و منها) قول الفضيل بن عياض رحمه اللّه تعالى من كثر عتابه قل
أصحابه و من أعطى الفاجر فقد أعانه على الفجور، و من سأل اللئيم فقد أهان نفسه و
من طلب العلم ممن لا يعمل به زاده جهلا، و من علم الأبله فقد ضيع عمره بلا فائدة و
من صنع المعروف مع كفور فقد ضيع النعمة.
(و منها) قول يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى في الكف عن المحارم يكون
رضا الرب و عند نزول البلاء تظهر حقائق الصبر و عند طول الغيبة تظهر مواساة
الإخوان و بالأدب يفهم العلم و بترك الطمع تثبت المؤاخاة و بصلاح النية تدوم صحبة
الأخيار، و قوله: من كان القرآن قيده كان إطلاقه من الموت و من ذبحته العبادة
أحياه الفوز، و من ترك شهوة الدنيا عوضه اللّه تعالى شهوة ذكره، و قوله: من حلم
ساد على أقرانه و من نفذ غضبه غمس في بحر هوانه، و قوله: كدر الاجتماع خير من صفاء
الافتراق و إذا كان القريب عدوا فهو البعيد و إذا كان البعيد و دودا فهو القريب.
(و منها) قول بشر الحافي رحمه اللّه تعالى إذا أخلت النوافل بالفرائض
فاتركوا النوافل، و قوله: من لم يستحسن الحسن لم يستقبح القبيح، و قوله: ليس مع
الاختلاف ائتلاف، و قوله: إن لم نؤت من قبل النعم و إنما أتينا من قلة الشكر عليها
كما أنا لم نؤت من قلة العمل و إنما أتينا من قلة الصدق فيه، كما أنا لم نؤت من
كثرة الذنوب و إنما أتينا من قلة الحياء، كما أنا لم نؤت من قلة الاستغفار و إنما
أتينا من قلة الوفاء و سرعة الرجوع إلى الذنوب من غير عقوبة عليها، و لو أن
العقوبة عجلت لنا لانتهينا عن المعاصي انتهى.
فاعلم ذلك يا أخي و نظف باطنك من محبة الدنيا و شهواتها و أكثر من
ذكر اللّه تعالى فإذا تم جلاء باطنك فهناك ينطقك اللّه تعالى بالحكمة و تصير حكيم
زمانك، و أما مع محبتك للدنيا فهذا بعيد عنك، و الحمد للّه رب العالمين.
عدم الحسد
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم الحسد لأحد من المسلمين و بذل النصيحة لكل مسلم بطريقه الشرعي و لذلك سادوا
الناس و لو كان عندهم حسد لأحد أو غش لما سادوا و لا قبلت الملوك أقدامهم، فإن
طلبت يا أخي أن تكون كذلك فاسلك طريقهم خالصا مخلصا و إلا فالمفتعل قد يطلع اللّه
تعالى بعض الناس على تفعله فلا يروج له أمر.