أقرانه، و كان يونس بن عبيد اللّه رحمه
اللّه تعالى يقول من أراد أن ينظر إلى رجل منافق فلينظر إليّ، فقيل له: و كيف ذلك؟
قال: لأني كثير ما أعد المائة خصلة من خصال الخير فلا أجد واحدة منهن في، و أعد
خصال السوء فأجدها كلها في، فياويحي يوم القيامة.
و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: إذا ذكر الصالحون كنا
عنهم بمعزل و إذا ذكر الطالحون كنا في جوف المنزل، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه
تعالى يقول: من علامة المنافق أن يخبأ رزق غد، و يزاحم غيره على الدنيا و يحب أن
ينفرد بالصيت، و في رواية من علامة المنافق أن يحسد الناس و يكون في قلبه الحقد و
الضغائن لمن آذاه أو زاد عليه في الجاه اه، فانظر يا أخي في نفسك و فتشها و نقها
من النفاق، و الحمد للّه رب العالمين.
اجتناب السبع
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
اجتناب الشبع الموجب لقساوة القلب و ذلك حتى يخشعوا في صلاتهم، فإن من شبع و طلب
الخشوع في صلاته فقد أخطأ الطريق، و قد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يطوي
الأيام و الليالي و يشد على بطنه الشريف حجر من الجوع، و كان صلى اللّه عليه و سلم
إذا صلى سمع لجوفه أزيز في الصلاة كأزيز المرجل على النار كما ورد، و كان ابن عباس
رضي اللّه عنهما يقول: ركعتان مع تفكر و تدبر خير من قيام ليلة كاملة و القلب ساه
عن ربه عز و جل.
(قلت) و مراده رضي اللّه عنه بالتفكر هنا تفكر العبد في الآداب
المتعلقة بالصلاة و بحضرة اللّه عز و جل و ليس مراده التفكر في استنباط الأحكام
كما يتوهم، فإن الصلاة ليست بمحل لذلك، و لذلك صرح بعض العلماء رضي اللّه عنهم
بكراهيته، و كان ابن مسعود رضي اللّه عنه إذا قام إلى الصلاة كأنه ثوب ملقى و كان
إذا سمع أهله يقولون لا تتكلموا فإن عبد اللّه يصلي كان يقول لهم:
تحدثوا ما شئتم فإني لست أسمع حديثكم و أنا في الصلاة.
و كان الحكم بن عيينة رحمه اللّه تعالى يقول: من تلفت عن يمينه و عن
شماله فلا صلاة له.
و قد كان إبراهيم الخليل عليه الصلاة و السلام إذا قام إلى الصلاة
يسمع وجيب قلبه من ميلين، و قد كان سلمان الفارسي رضي اللّه عنه يقول: من لم يحضر
في صلاته فهو من المطففين، و قد علمتم ما قال اللّه فيهم فإن الصلاة بمكيال من
وفى، وفى له و قد بلغنا عن يعقوب