على مواساة أخيه أو تحمل همومه أو الدعاء له
و إلا فلا يقولن له إيش حالكم؟ لأنه يصير نفاقا، و كان حاتم الأصم رحمه اللّه
تعالى يقول: إذا قلت لصاحبك كيف أصبحت؟ و قال لك إني محتاج إلى شيء فتلاهيت عنه و
لم تعطه حاجته فقولك له: كيف أصبحت سخرية به، و هذا هو الغالب على إخوان هذا
الزمان.
و قد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: إنما كانوا يسأل
بعضهم بعضا عن أحوالهم لينبهوا الغافل على شكر اللّه تعالى فيشكره فيحصل له و لهم
الخير بذلك، و في الحديث أن رجلا قال للنبي صلى اللّه عليه و سلم كيف أصبحت يا
رسول اللّه، فقال صلى اللّه عليه و سلم: [أصبحت خيرا من أناس لم يعودوا مريضا و لم
يشيعوا جنازة] و قد قيل لأبي بكر الصديق رضي اللّه عنه كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت عبدا ذليلا لرب جليل أصبحت مأمورا بأمره.
و قيل للحسن البصري رحمه اللّه تعالى كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت حنيفا
مسلما لا أشرك باللّه شيئا، و قيل لمالك بن دينار رحمه اللّه تعالى كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت لا أدري أ أنقلب إلى الجنة أو إلى النار، و قيل للإمام الشافعي رضي
اللّه عنه كيف أصبحت؟ فقال أصبحت آكل رزق ربي و لا أقوم بشكره، و قيل لعيسى عليه
الصلاة و السلام كيف أصبحت؟ فقال:
أصبحت لا أملك نفع ما أرجو و لا أستطيع دفع ما أحذر و أنا مرتهن
بعملي و الأمر كله بيد غيري و لا فقير أفقر مني، و قيل للربيع بن خيثم رحمه اللّه
تعالى كيف أصبحت؟ فقال:
أصبحت ضعيفا مذنبا آكل رزق ربي و أعصى أمره، و قيل لأبي الدرداء رضي
اللّه عنه كيف أصبحت؟
فقال: أصبحت بخير إن نجوت من النار.
و قيل لمالك بن دينار رحمه اللّه تعالى كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت في
عمر ينقص و ذنوب تزيد، و قيل لحامد اللفاف رحمه اللّه تعالى كيف أصبحت؟ قال: سالم
معافى، فقال له حاتم الأصم: يا حامد السلام و العافية إنما يكونان بعد مجاوزة
الصراط و دخول الجنة، فقال حامد: صدقت، فاعلم ذلك و الحمد للّه رب العالمين.
عدم الغفلة
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم الغفلة عن محاربة إبليس و التجسس على معرفة مكائده و مصايده، و هذا الخلق قد
أغفله غالب الناس، فإن إبليس كما لم يغفل عنا فينبغي لنا أن لا نغفل عنه فإنه
بالمرصاد حريص على وقوع العبد في سخط اللّه تعالى،