(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
إذا لم يكن لهم مال و كان إخوانهم يكسونهم و ينفقون عليهم أن لا يكثروا من إعطاء
الناس الثياب و الطعام بل يحملون كلفتهم عن إخوانهم ما أمكن ذلك لأنهم لا يدعون
أحدا عريانا و لا جيعانا، و قد كنت سلكت هذا المسلك فتوبني عنه شيخي سيدي محمد بن
عبد اللّه و شيخي سيدي نور الدين السنوني رحمه اللّه تعالى فقلت له يا سيدي فإن
أقسم على السائل باللّه أو برسوله صلى اللّه عليه و سلم فقال: لا تعطه و قل بدل
ذلك جل اللّه العظيم أوصل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فإن القسم إنما
يستحب للعبد إبراره إذا كان له مال و أما من ينفق عليه الناس فلا يؤمر بإبرار
القسم إلا بطريقه الشرعي كأن لا يكون في إعطائه مانع أشد ضررا من إبرار القسم.
و لما علم إخواني أني أعطي السائل جوختي أو فروتي أو عمامتي و لا
أتوقف صار أحدهم يوقف عليّ ما يعطيه لي من الثياب و بعضهم يجعله عارية عندي و
بعضهم يعلق طلاق زوجته على إعطاء ذلك لأحد بغير إذنه، فلهذا العذر تجدني أشح في
بعض الأوقات على السائل و لا أعطيه و لو أنه كان سألني ما هو لي لم أشح عليه بحمد
اللّه تعالى، و لو كان جوختي الجديدة أو صوفي الجديد في أول يوم لبسته.
فإياك يا أخي و المبادرة إلى سوء الظن بأحد من أشياخ الطريق إذا دخل
عليه عريان و سأله ثوبا من ثيابه مثلا فلم يعطه و يقول: هذا خروج من طريق الفقراء
بل أفحص قبل ذلك عن القضية فربما كان ذلك الشيخ له عذر مما قدمناه، و لم يمنع ذلك
السائل لشح عنه، و الحمد للّه رب العالمين.
الكتمان
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
كتمانهم عن أهل عصرهم كل ما ينكرونه من الكرامات فإن إظهارها لا فائدة فيه اللهم
إلا أن يترتب على ذلك مصلحة شرعية، فلا حرج على الولي في إظهارها و في حال كتابتي
لهذا الموضع رأى شخص رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في المنام و أرسل إلي السلام
معه بأمارة صحيحة، و سأله الرائي عن مسألة فأجابه صلى اللّه عليه و سلم عنها فلم
يفهم الرجل الجواب، فلما رآه صلى اللّه عليه و سلم قد توقف في فهمها قال له: اذهب
إلى مصر و اسأل عن الشعراني فإنه يشرحها لك، و كان ذلك الرجل في ناحية جرجه فسافر
على أثر الرؤية إلى