و إنما دله على قرب اللّه، عزّ و جلّ، و قيامه
عليه، و من قرب اللّه، تعالى، تستخرج حقائق الأمور في كل مقام.
فمن كان مقامه: الخوف، أدركه من قرب اللّه، تعالى- حين علم أنه يراه-
الحذر، و الفرق[1]، و الخشية[2].
و من كان مقامه: المحبة، أدركه من حقائق قرب اللّه تعالى، حين علم
أنه يراه الفرح، و السرور، و النعيم، و المسارعة، في طلب رضاه و القربة ليراه
منافسا راغبا، يريد القربة إليه، و المبالغة في محبته.
و الصابر في وقت بلواه و مصيبته و ما يتحمله لسيده: مما يقربه من
ثوابه، حين سمع اللّه، عزّ و جلّ، يقول: إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46].
و كذلك أهل كل مقام: عبدوا اللّه تعالى، على القربة: و ذلك حين
أيقنوا، و هم الذين لا يكادون يصلون و لا يرجعون.
و أما العامة من الناس: فإنهم عملوا على ما انتهى إليه من الأمر و
النهي، على رجاء ضعيف فخلطوا و لم يحققوا!
فمن صدق الأنس: ما يروى عن عروة بن الزبير[3]،
رحمة اللّه عليه: أنه خطب إلى عبد اللّه بن عمر، رضي اللّه عنهما، ابنته؛ و هو
يطوف ببيت اللّه الحرام، فلم يجبه
عروة بن الزبير بن العوّام الأسدي
القرشي أبو عبد اللّه. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة كان عالما بالدين، صالحا
كريما، لم يدخل في شيء من الفتن، و انتقل إلى البصرة، ثم إلى مصر فتزوج و أقام
بها سبع سنين. و عاد إلى المدينة فتوفي فيها، و هو أخو عبد اللّه بن الزبير لأبيه
و أمه.
و« بئر عروة» بالمدينة منسوبة
إليه.
الأعلام 4/ 226، و ابن خلكان 1/
316، و صفة الصفوة 2/ 47، و حلية 2/ 176.