responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الصدق، أو، الطريق السالمة نویسنده : أبو سعيد الخراز البغدادي، أحمد بن عيسى    جلد : 1  صفحه : 51

فالمحب للّه: قد جعل ذكر اللّه تعالى، بقلبه و لسانه، فرضا على نفسه، فهو يتفرغ من الغفلة و يستغفر منها، و كذلك جوارحه: إنما هي وقف لخدمة من أحبه.

فهو: غير ساه، و لا لاه، و إنما همه: أن يرضي من أحبه، فقد بذل المجهود في موافقته: في أداء فرائضه، و اجتناب مناهيه، فهو متزين له بكل طاقته حذرا من أن يأتي عليه أمر يسقطه من عين من أحبه.

و هكذا روى النبيّ، صلّى اللّه عليه و سلم، من غير طريق، أنه قال: «يقول اللّه، عزّ و جلّ: ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، و لا يزال يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت له: سمعا، و بصرا، و يدا، و مؤيدا: دعاني فأجبته، و نصح لي فنصحت له»[1].

فعلامة المحب: الموافقة للمحبوب، و التجاري‌[2] مع طرقاته في كل الأمور، و التقرب إليه بكل حيلة، و الهرب من كل ما لا يعنيه على مذهبه.

قلت: فالمحبة على قدر النعم؟

قال: المحبة بدؤها: من ذكر النعم، ثم على قدر المنعم: على قدر ما يستحق؛ لأن المحب للّه تعالى يحب اللّه تعالى- عند النعم، و عند فقدها، و على كل حال- حبا صحيحا، منعه، أو أعطاه، أو ابتلاه، أو عافاه، فالمحبة لازمة لقلبه، على حالة واحدة، في العقد، ثم هي إلى الزيادة أقرب.

و لو كانت على قدر النعم، لنقصت المحبة إذا نقصت النعم، في وقت الشدائد و وقوع البلاء لكن المحب للّه تعالى، الذي و له‌[3] عقله بربه، و اشتغل برضاه فكان في شكره للّه و ذكره حيران، كأنه ليست نعمة على أحد إلا و هي عليه، و هو مشغول بحبه للّه، عزّ و جلّ، عن كل الخلق، و قد أسقطت المحبة للّه تعالى، عن قلبه، الكبر، و الغل، و الحسد، و البغي، و كثيرا مما يعنيه من أمر الدنيا من مصلحة، فكيف يذكر ما لا يعنيه؟!

قال بعض الحكماء: من أعطى من المحبة شيئا فلم يعط مثله من الخشية: فهو مخدوع:

و روي عن الفضيل بن عياض، رحمه اللّه تعالى، أنه قال: الحب أفضل من الخوف.

و حدّثنا إسماعيل بن محمد قال: حدّثني زهير البصري قال: لقيت شعوانة، فقالت لي: ما أحسن طريقتك! إلا أنك تنكر المحبة!


[1] - أخرجه الزبيدي في( إتحاف السادة المتقين 3/ 170، 9/ 610).

[2] - جاراه مجاراة و جراء: تابعه و جرى معه، و تجاريا: جرى أحدهما مع الآخر.

[3] - و له: اشتد حزنه حتى ذهب عقله.

نام کتاب : الصدق، أو، الطريق السالمة نویسنده : أبو سعيد الخراز البغدادي، أحمد بن عيسى    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست