إنه لما قصر بنا عن علم ما عملنا تركنا
العمل بما علمنا، و لو عملنا ببعض ما علمنا لورثنا علما لا تقوم له أبداننا.
و روي عن أبي بكر الصديق، رضي اللّه عنه: أنه استسقى[1]، فأتي بإناء فلما قربه إلى فيه و
ذاقه نحاه، ثم بكى، فقيل له في ذلك.
فقال: رأيت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه و سلم، ذات يوم و هو يدفع
بيديه كأن شيئا يقع، لا أرى شيئا، فقلت: يا رسول اللّه، أراك تدفع بيديك و لا أرى
شيئا!! فقال: «نعم، تلك الدنيا تمثلت لي في زينتها» فقلت: إليك عني! فقالت: «إن
تنج مني فلن ينجو مني من بعدك!».
قال أبو بكر رضي اللّه عنه: «فأخاف أن تكون أدركتني».
قال: «و كان في الإناء الذي شرب أبو بكر، رضي اللّه عنه، منه: ماء و
عسل، فبكى إشفاقا من ذلك».
و يروى في بعض الحديث: أن أصحاب محمد، صلّى اللّه عليه و سلم: لم
يأكلوا تلذذا، و لم يلبسوا تنعما.
و في رواية: «أن أصحاب محمد، صلّى اللّه عليه و سلم، الذين اتسعوا في
الدنيا من بعده- حين فتحت عليهم من حلها- أنهم بكوا من ذلك، و أشفقوا، و قالوا:
نخاف أن تكون عجّلت لنا حسناتنا».
فليتق اللّه عبد، و لينصف من نفسه، و ليلزم منهاج من مضى، و ليعترف
بالتقصير، و يسأل اللّه الإقالة!.