قيل للإمام الصادق (ع): ما الزهد في الدنيا؟
قال: «حدّ الله ذلك في كتابه فقال: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم
ولا تفرحوا بما آتاكم)[1]»[2]. وروي كذلك عن النبي 6: (ليس الزهد
في الدنيا لبس الخشن وأكل الجشب ولكن الزهد في الدنيا قصر الأمل)[3].
فيتبين من ذلك أن الزهد لا يتقوم بالأكل واللبس وبالمسكن والدابة
فقط، وإنما يعرف الزهد بقصر أمله وإخلاص عمله وعدم الركون إلى الدنيا والفرح بها
إذا اتته، وعدم الجزع والأسف عليها إذا فاتته.
ولم يؤكد الإسلام على الزهد إلّا لآثاره العظيمة على الإنسان في
الدنيا وفي الآخرة. حيث رُوي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: «لن يُفتقر من زهد»[4].
وروي عنه (ع) ايضا: «أعظم الناس سعادة أكثرهم زهادة»[5].
فهذه من آثار الزهد في الدنيا ...
أما بالنسبة لأثر الزهد الأخروي فإنه يكفينا ما روي عن أمير المؤمنين
(ع): «ثمن الجنة الزهد في الدنيا»[6]، وحسبه من
أثر عظيم حيث الفوز بالجنة.
ولأهمية موضوع الزهد في حقل المفاهيم والأخلاق الإسلامية فقد كتب
المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) كتاب (الزهد) هذا، ليعطي من خلاله الصورة
الواضحة لمفهوم الزهد في الإسلام ويبين تجربة حية عن ذلك، كما هو شأنه (حفظه الله)
في مختلف الميادين الفقهية والسياسية والثقافية وغيرها.
ولما كان لهذا الموضوع من أهمية كبيرة في الجانب الأخلاقي والسلوكي،
إرتأينا طبع هذا الكتاب، سائلين المولى أن يجعله خالصا لوجهه إنه سميع الدعاء.