الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من
اهتدى بهداه.
اللهم اجعل عملنا صالحا خالصا متقبلا، و لا تجعل للشيطان فيه حظا و
لا نصيبا و بعد:
فقد كان الحارث بن أسد المحاسبى شيخ مشايخ بغداد فى عصره، و مرجع
أولياء زمانه، كما كان خامس خمسة قيل عنهم إنهم جمعوا بين علم الظاهر و الباطن فى
عصر واحد، بل كان أستاذا لبعضهم، فقد صحبه أو أخذ عنه كل من معروف الكرخى (ت 200
ه).، و ابن عطاء (ت 209 ه)، و السّرىّ السقطى (ت 251)، و عمرو بن عثمان المكى (ت
291 ه)، و الجنيد بن محمد (ت 297 ه).
ذلك أنه أسس زهده و ورعه على العلم بالكتاب و السنة، و نفى عنه شطحات
المبتدعين، ثم إنه كان من أوائل المصنفين فى أبواب الورع، بل و من أكثرهم تصنيفا،
و ساعده على ذلك علمه بالحديث و الفقه و الأصول، و وقوفه على مذاهب المبتدعة و
الفلاسفة بالقدر الذى مكنه من فضح أخطائهم، و كشف زيغهم، و قمع بدعهم، نصرا للدين،
و تمسكا بمذهب أهل السنة و الجماعة.
و قد قال فيه أبو نعيم الأصبهانى بحق، فى كتابه «حلية الأولياء» ج 10
ص 723- 724: